225

2 وذكر هذه القصة الإمام أحمد بن أعثم الكوفي (ره) في «تاريخه» أطول من هذه. قال : كتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره أن يدعو الناس إلى بيعة يزيد ، ويخبره في كتابه : إن أهل مصر والشام والعراق قد بايعوا. فأرسل مروان إلى وجوه أهل المدينة فجمعهم في المسجد الأعظم ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الطاعة وحض عليها ، وذكر الفتنة وحذر منها ، ثم قال في بعض كلامه : أيها الناس! إن أمير المؤمنين قد كبر سنه ، ودق عظمه ، ورق جلده ، وخشي الفتنة من بعده ، وقد أراه الله رأيا حسنا ، وقد أراد أن يختار لكم ولي عهد يكون لكم من بعده مفزعا ، يجمع الله به الالفة ، ويحقن به الدماء ، وأراد أن يكون ذلك عن مشورة منكم ، وتراض ، فما ذا تقولون؟

قال : فقال الناس من جانب : إنا ما نكره ذلك إذا كان رضا ، فقال مروان : فإنه قد اختار لكم الرضا الذي يسير فيكم بسيرة الخلفاء الراشدين المهتدين وهو ابنه يزيد ، قال : فسكت الناس ، وتكلم عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال : كذبت والله ، وكذب من أمرك بهذا ، والله ، ما يزيد بمختار ، ولا رضا ، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية.

وقال في غير هذا الموضع : في يزيد الخمور ، يزيد القرود ؛ يزيد الفهود ، فقال مروان: إن هذا المتكلم هو الذي أنزل الله فيه : ( والذي قال لوالديه أف لكما ) الأحقاف / 17.

قال : فغضب عبد الرحمن ، وقال : يا ابن الزرقاء! أفينا تتأول القرآن ، وأنت الطريد ابن الطريد؟ ثم بادر إليه فأخذ برجليه ، وقال : انزل ، يا عدو الله! عن منبر رسول الله ، فليس مثلك من يتكلم على أعواده.

قال : فضجت بنو امية في المسجد ، وبلغ ذلك عائشة ، فخرجت

مخ ۲۵۲