200

قاعدا يأكل خبزا ، فنظر الحسين إليه وجلس عند نخلة مستترا لا يراه ، فكان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه الآخر ، فتعجب الحسين من فعل الغلام ، فلما فرغ من أكله قال : الحمد لله رب العالمين ، اللهم! اغفر لي واغفر لسيدي ، وبارك له كما باركت على أبويه برحمتك يا أرحم الراحمين!.

فقام الحسين وقال : يا صافي! فقام الغلام فزعا وقال : يا سيدي! وسيد المؤمنين! إني ما رأيتك فاعف عني ، فقال الحسين : «اجعلني في حل يا صافي! لأني دخلت بستانك بغير إذنك» ، فقال صافي : بفضلك يا سيدي! وكرمك وسؤددك تقول هذا ، فقال الحسين : «رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب ، وتأكل النصف الآخر فما معنى ذلك»؟ ، فقال الغلام : إن هذا الكلب ينظر إلي حين آكل ، فاستحي منه يا سيدي! لنظره إلي ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء فأنا عبدك ، وهذا كلبك ، فأكلنا رزقك معا.

فبكى الحسين وقال : «أنت عتيق لله ، وقد وهبت لك ألفي دينار ، بطيبة من قلبي» ، فقال الغلام : إن اعتقتني فأنا اريد القيام ببستانك ، فقال الحسين : «إن الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدقه بالفعل ، فأنا قد قلت : دخلت بستانك بغير إذنك ، فصدقت قولي ، ووهبت البستان وما فيه لك ، غير أن أصحابي هؤلاء جاءوا لأكل الثمار والرطب ، فاجعلهم أضيافا لك ، وأكرمهم من أجلي أكرمك الله يوم القيامة ، وبارك لك في حسن خلقك وأدبك» ، فقال الغلام : إن وهبت لي بستانك ، فأنا قد سبلته لأصحابك وشيعتك.

قال الحسن : فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة رسول الله صلى الله عليه وآله (1).

مخ ۲۲۳