الأول: لكونها عزيزة الوجود وَقلَّ من يقف عليها كاملة.
والثاني: فيها أبيات كثيرة مستشهد لها فيما نحن بصدده.
والثالث: لتكثير الفائدة لاشتمالها على لغات غريبة وألفاظ عجيبة.
والرابع: أن مطلعها بيت مستطرق كثير الورود في كتب النحو واللغة، فلأجله ذكرنا الباقية.
والخامس: ليدل على توغلنا في هذا الفن وشدة تَنْقيرِنا في مظان الأشياء ومدارك اللغات والألفاظ، فنتكلم على لغاتها مختصرة تكثيرًا للفائدة، وإزاحة للإهمال عن ألفاظها الغريبة".
ومثل ذلك فعل مع قصيدة عمر بن أبي ربيعة: "أَمِن آلِ نُعْمٍ" وقد بلغت أربعة وسبعين بيتًا سردها كلها وشرح مفرداتها ومعانيها (١).
- تعرضه للفعل واستعمالاته، وكأنه يؤلف معجمًا في اللغة، انظر إليه وهو يشرح هذا البيت مبينًا الشاهد فيه وهو قوله: "باب ظن وأخواتها" (٢):
وكُنَّا حَسِبنَا كُلَّ بَيضَاءَ شَحْمَةً ... عَشِيَّةَ لاقينا جذامَ وَحِمْيَرًا
يقول:
"الاستشهاد فيه: في قوله: "حسبنا" فإن حسب ها هنا بمعنى ظن؛ فلذلك نصب مفعولين.
واعلم أن حَسُب (٣) قد جاء بالضم والفتح والكسر على معانٍ: فحسِب بكسر السين يحسَب ويحسِبُ بفتح السين وكسرها في المضارع حِسْبًا بكسر الحاء ومحسَبة ومحسِبة بفتح السين وكسرها بمعنى ظن فهو حاسب، والشيء محسوب، أي مظنون، والأمر: احسَب واحسِب بفتح السين وكسرها، وحسب الرجل بكسر السين حسبًا فهو أحسب إذا صار ذا شقرة وبياض كالبرص، وحسَب بفتح السين بمعنى عدّ يحسُب بضم السين حسبًا وحسابًا وحسبانًا وحسابة وحسبة فهو حاسب، والشيء محسوب والأمر احسُب بضم السين لا غير.
وأما حسُب بضم السين فمعناه: صار حسيبًا يحسُب بضم السين حسابه فهو حسيب، والذي هو من هذا الباب وينصب المفعولين هو الذي يكون بمعنى ظن، وأما الذي بمعنى: عد فينصب مفعولًا واحدًا، والآخران لازمان".
وأما ذكره لغات العرب وبيان لهجاتها فقد سرد فيه الكثير، من ذلك:
_________
(١) انظر الشاهد رقم (٦٤) من شواهد هذا الكتاب.
(٢) انظر الشاهد رقم (٣٣٥) من شواهد هذا الكتاب.
(٣) راجع هذه المعاني في اللسان مادة: "حسب".
1 / 34