يفديك من جعل الدنيا رسالته فقمت أنشد أشواقي وألطافي
فهو الغفور لزلاتي وإسرافي
لأنها ذكرتني سير أسلافي
من كل أمثاله تفدى بآلاف
المقامة الدعوية
{ ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون }
أنت كنز الدر والياقوت في
محفل الأيام في شوق إلى
لجة الدنيا وإن لم يعرفوك
صوتك العالي وعساهم يسمعوك
ترى الناس بلا دعوة أيتاما ، لا يعرفون حلالا ولا حراما ، ولا صلاة ولا صياما ، ولا سننا ولا أحكاما ، فالدعوة لرئة الأحياء هواء ، ولكبد الدنيا ماء ، ولذلك أرسل الله الأنبياء ، وخط في اللوح ما شاء .
أخوك عيسى دعا ميتا فقام له
وأنت أحييت أجيالا من الرمم
من نحن قبلك إلا نقطة غرقت
في اليم أو دمعة خرساء في القدم
وقد حملت القلم والدواة ، ورافقت الدعاة ، ولقيت العلماء والقضاة ، وعرفت البسطاء والدهاة ، وجبت مع إخواني البلاد ، وخالطت العباد ، فكم عرفنا من ناد وواد ، وسرنا في حاضر وباد ، فأخذت من الناس المواهب ، واستفدت من الزمان التجارب ، وميزت المشارب ، ونزلت تلك الخيام ، والمضارب .
فالداعية الناجح ، والواعظ الصالح ، من جعل محمدا إمامه ، فعرف هديه وكلامه ، فراش بهداه سهامه ، وجمل بسنته مقامه . والداعية من كان بالناس رفيقا ، وعاش معهم رقيقا ، وصار بهم شفيقا ، فاجتنب العنف والتجريح ، والإسراف في المديح ، فلزم القول اللين ، والخلق الهين ، فصار لقلوب الناس طبيبا ، ولأرواحهم حبيبا .
غلام إذا ما شرف الجمع صفقت
له منطق لو أن للسحر بعضه
له أنفس الحضر واكتمل البشر
مخ ۷۴