هل يقر للعبد قرار وهو يسمع { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } . هل بعد هذا الإنذار من إنذار ، وهل فوق الخطر من أخطار ، والله يقول لنبيه وصفيه { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } . إن الأحزاب المفلسة ، والطوائف المبلسة ، أهملت مسألة التوحيد من حسابها ، وحجبت حقيقته عن أحزابها . فكان جزاؤها الخزي والهوان ، والذلة والخذلان، لأن أعظم المطالب العلمية ، وأكبر المقاصد العملية ، هي قضية الألوهية ، ولهذا تجد أن أي دعوة قامت على غير التوحيد قد انهارت ، وأعلنت هزيمتها وبارت { فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم } .
ما خلق الكون ؟ وأوجدت فيه حركة وسكون ، إلا لمسألة عظيمة ذكرت في الكتاب المكنون : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } .
كانت دعوة الإمام المجدد ، تنص على أن يعبد الله وحده ويوحد ، قبل أن يعلم الناس الأحكام ، لابد أن تطهر قلوبهم من التعلق بالأوثان والأصنام ، وأن تزكى ضمائرهم من التعلق بالأنصاب والأزلام .
قد يدرك الحلولي والاتحادي مسائل الفقه وهو ضال في باب التوحيد ، وقد يلم الصوفي والقبوري بالأحكام وهو جاهل بحق الله على العبيد . ولهذا تجد من نصب نفسه للفتيا في بعض البلاد ، يشاهد مظاهر الشرك تعصف بالعباد ، ثم لا ينكر ولو بإشارة ، ولا ينهى ولو بعبارة ، فأي صلاح لمن هذه حاله ، وأي علم ينتظر لمن هذه أعماله .
مخ ۶۵