إذا جمع البرايا كالمطايا لما أغمد سيف الجهاد ، سله ابن زياد ، على العلماء والعباد . لو كانت الأمة شاركت في قتل الحسين لكانت ظالمة ، ولو رضيت بذلك لأصبحت آثمة ، وقعت الأمة بين فكي زياد ويزيد ، يدوسون الجماجم ويقولون : هل من مزيد ، وتصفق له أراذل العبيد . ليل الحسين صلاة وخشوع وبكاء ، وليلهم رقص وطرب وغناء ، نهار الحسين تلاوة وذكر وصيام ، ونهارهم لهو وعشق وغرام . ولهذا وقع الخلاف وعدم الإنصاف .
إذا عير الطائي بالبخل ما در
وقال الدجى للشمس أنت كسيفة
فيا موت زر إن الحياة ذميمة
وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السهى للبدر وجهك حائل
ويا نفس جدي إن دهرك هازل
يا أهل العقول ، إن قتل سبط الرسول ، وابن البتول ، أمر مهول ، فلا تخبروا أعداء الملة ، بهذه الزلة ، فإنها للأمة ذلة . الحسين ليس بحاجة إلى وضع أشعار ، ولكن إلى رفع شعار ، دعنا من ترديد القصيد ، والتباكي بالنشيد ، ولكن تابع الحسين في تجريد التوحيد ، وتوقير الشيخين أهل الرأي الرشيد .
العظماء يقتلون بالسيف أعزاء ، والظلمة يموتون على فرشهم أذلاء جبناء ،
فالعظيم قتل بتذكية شرعية ، والجبان مات ميتة بدعية . { حرمت عليكم الميتة } .
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد
وليس على الأعقاب تدمى كلومنا
لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ولكن على أقدامنا تقطر الدما
فاتت الحسين الشهادة في بدر لأنه صغير ، فعوضه الله بها في صحراء العراق وهو كبير ، الرجل يريد أن يكتب اسمه بدم ، وهو يحب البيع لا السلم ، ومن يشابه أبه فما ظلم . الذين ينوحون على الحسين ويقولون قتل وهو مظلوم ، قلنا هذا أمر معلوم ، ولكن كفاكم بالنياحة جهلا . فهل كان قتل عمر وعثمان وعلي عدلا ، النياحة في الدين غير مباحة ، لأنها مخالفة للمأمور ، وفعل للمحظور ، وتسخط بالمقدور ، لو لم يقتل الحسين لمات . أفتنوحون عليه وقد كسب عز الحياة . وسعادة الوفاة .
مخ ۵۱