قال : أما سمعتم ابن المبارك ، وهو في الأدب شارك ، حيث يقول :
رأيت الذنوب تميت القلوب
وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها
قلنا فماذا قال طبيب العيون ، فإنه ثقة مأمون ، قال سمعته ينشد :
وأنت متى أرسلت طرفك رائدا
لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
قلنا فماذا قال طبيب الأذن ، قال دخلت عليه بلا إذن ، فسمعته ينشد :
لا تسمعن الخنا إن كنت ذا رشد
فالأذن نقالة والقلب حفاظ
وصن سمعاك عن لغو وعن رفث
قد تدخل الناس في النيران ألفاظ
قلنا فماذا قال طبيب الولادة ، فإنه ظاهر الإجادة ؟ قال :
ولدتك أمك باكيا مستصرخا
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا
والناس حولك يضحكون سرورا
في يوم موتك ضاحكا مسرورا
قلنا : فماذا قال طبيب الباطنية ، فإنه طيب النية ، قال سمعته ينشد :
أكل الحرام يثير داء دائما
فكل الحلال فرزق ربك واسع
في البطن لا يدري به الجراح
إن الذي ترك الربا مرتاح
قلنا : فماذا قال طبيب العظام ، فإنه من الرجال العظام ، قال سمعته ينشد :
عظامك أنقذها ولحمك من لظى
وإياك إياك الحرام فإنه
جهنم فالأجسام تشوى وتحرق
تقطع أوصال به وتمزق
قلنا : فماذا قال الطبيب النفسي ، قال سمعته ينشد ، حين يصبح وحين يمسي :
يا نفس هل من توبة مقبولة
أو ما ترين الموت أشهر سيفه
ضاع الزمان وأنت في العصيان
كم راع يوم الروع من إنسان
قلنا : فمن أعظم طبيب ؟ قال : محمد الحبيب ، صاحب النهج العجيب ، والرأي المصيب ، قلنا : أوصنا بوصية ، لينة غير عصية ، فأنشد :
خذ ما أردت من العلاج فإنه
مات المداوي والمداوى والذي
لابد من موت يقطع ذا العرى
صنع الدواء وباعه ومن اشترى
المقامة التجارية
مخ ۴۳