وليت الناس سلكوا مذهبهم ، فقد علم كل أناس مشربهم ، ويا من اشتغل بالأشعار، عليك بالأذكار ، وإدمان الاستغفار ، والخوف من القهار ، فإن اللسان ثعبان ، وأمامك قبر وميزان ، ونجاة وخسران ، ولا يكن لسانك كالمقراض للأعراض ، ولا يكن كالمقباض للأغراض ، فإن الأنفاس تكتب عليك ، وعملك منك وإليك .
وويل لمن أطلق لسانه ، وأرضى شيطانه ، وأجرى في اللهو حصانه ، من يوم تشيب فيه النواصي ، ويندم فيه كل عاصي ، ويهابه كل دان وقاصي .
ويا شعراء المجون ، مالكم في الغي تلجون ، وفي النوادي تصجون ، ولكل رأس تشجون . ألا عقل يردع ، ألا أذن تسمع ، ألا قلب يخشع ، ألا عين تدمع ، أشغلتم القلوب ، وأنسيتم الناس علام الغيوب ، ودللتم الأمة على المعاصي والذنوب ، أشعلتم النفوس الهائجة ، أحرقتم القلوب المائجة ، لأن بضاعتكم على الأراذل رائجة ، أتظنون أنه لا حساب ولا عقاب ، ولا عذاب ولا ثواب ، الموقف أصعب مما تظنون ، والمشهد أعظم مما تتصورون ، إذا بعثر ما في القبور ، وحصل ما في الصدور ، وفار التنور ، وقصمت الظهور ، وطار الكبر والغرور .
إذا جار الوزير وكاتباه
وقاضي الأرض أجحف في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل
لقاضي الأرض من قاضي السماء
يا شعراء المجون ، ويا أتباع كل غاو مفتون ، وهائم مجنون ، ويل لكم مما كتبت أيديكم ، وويل لكم مما تكسبون .
المقامة الخطابية
{ وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا }
ولسان صيرفي صارم
سحر هاروت وماروت ولو
كذباب السيف ما مس قطع
كلم الصخر بحق لانصدع
نحن في زمن عجيب ، وفي عصر غريب ، كم بلينا بخطيب غير أديب ، ولا مصيب، إذا تكلم تلعثم ، وهمهم ، وغمغم ، وتمتم .
إذا بدأ في الكلام اعتذر ، لا يدري ما يأتي وما يذر ، لأن كلامه هذر مذر ، ابتلي الرجل بالسعال ، وكثرة الانفعال ، وسوء التعبير في المقال .
مخ ۶