============================================================
الفن الثالث: في الاستدلا بالشادد على الغاتب دون الطباع، أنه قد تصح طباع الإنسان والبهائم مع زوال كمال العقل، ولا يلزمهم لوم ولا أمر ولا نهيي، بل يكون الآمر والناهي واللائم له هذه حاله، غير حكيم، ومناصحخ العقل حسن الأمر والنهي، ووجب اللوم.
قالوا: فإن قال خصومنا: إن الله الذي خلق الطباع، وجعله مائلا إلى ما مال منه ونافرا عما نفرمنه، وهو الذي خلق الفعل وجعله يستحسن به الحسن ويستقبخ به القبيح فلمكان المعتبر في تحقيق الشيء وإبطاله هو العقل دون الطباع.
قيل له: إن الله جل وعز لما كان ممتحنا لذي الطباع والعقل لم تصح المحنة إلا بأن يكون الممتحن قد أمر بترك محبوب وفعل مكروه، ولم يكن يستحق الثواب إلا على هذه الجهة حيث رأى الحكمة بتصحيح المحنة أن يجعل فيه ما يميل به إلى ما يجب عليه تركه وأن ينفره عن محمود فيه لهذا المعنى، هو الطباع، ثم لم يكن بد من أن يجعل فيه ما يدعوه ما لا يلزمه فعله، فكان إلى ترك ما مال إليه وفعل ما نفر عنه وما يحسن به ذاك عنده، فكان هذا2 العقل، فإن وافقت في تصحيح المحنة كان ذلك يوجب ما قلنا، وكان وجوبه ينبيك أن ههنا شيئا قد خلقه الله يميل الإنسان إلى شيء من الأشياء و ينفر به من شيء من آخر. ثم يحب الميل إلى ما مال إليه بالعقل والاعتقاد لا النفار عما نفرعنه، وإن كان الله هو جعله كذلك. وإن أبطلت المحنة كان هذا بابا آخر وكلمناك في تصحيحها. قال: إني لا أخالفكم، ولكن ما الفرق بينكم وبين من جعل ما حملتموه للعقل للطباع، وجعل ما جعلتموه للطباع للعقل؟
قلنا: هذا قد وافقنا في المعنى وخالفنا في الاسم؛ لأنه قد أثبت شيئين على ما ذكونا، وأوجب أن ههنا شيي ينفز عن أشياء ويميل إلى آشياء والله جعله كذلك، ثم استحت أن يعبر في تصحيح الأشياء وإبطالها باستحسانها
مخ ۲۱۳