مقالات العلامة الدکتور محمود محمد الطناحي
مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي
خپرندوی
دار البشائر الإسلامية بيروت
د ایډیشن شمېره
الأولى
ژانرونه
ثانيًا: ذكر الآلوسي في كتابه روح المعاني ٢٢/ ١٩١: أن صاحب النشر - وهو ابن الجزري - طعن في هذه القراءة. وقال أبو حيان في البحر المحيط ٢٧/ ٣١٢ بعد أن ذكر نسبة هذه القراءة إلى عمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة: «ولعل ذلك لا يصح عنهما، وقد رأينا كتبًا في الشواذ ولم يذكروا هذه القراءة، وإنما ذكرها الزمخشري».
قلتُ: نعم ذكرها الزمخشري في الكشاف ٣/ ٣٠٨، وعبارته: «فإن قلت: فما وجه قراءة من قرأ: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾، وهو عمر بن عبد العزيز ويحكى عن أبي حنيفة؟ قلتُ: الخشية في هذه القراءة استعارة. والمعنى: إنما يجلهم ويعظمهم، كما يجل المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عبادة». انتهى كلام الزمخشري.
وتأمل قول: «ويحكى عن أبي حنيفة»، فهو أسلوب غير قاطع بنسبة هذه القراءة إلى الإمام الأعظم. وأيضًا فإنَّ انفراد الزمخشري بذكر هذه القراءة وتوجيهه لها على أسلوب الاستعارة يتفق مع منهجه الذي غلب عليه في تفسيره، وهو العناية بالمجاز والاستعارة وتنزيل الكلام عليهما، وواضح أن تفسير الآية الكريمة على نصب لفظ الجلالة ﴿الله﴾ ورفع ﴿العلماء﴾ إنما هو على الخشية الحقيقية، وتفسيرها على العكس، بالرفع والنصب إنما هو على المجاز، كما سبق. فليس معنى الآية واحدًا في القراءتين، كما فهم الأستاذ حجازي!
ثالثًا: لم يلتفت إلى هذه القراءة المنكرة أئمة المفسرين الثقات: من أمثال أبي جعفر الطبري، وأبي الفرج ابن الجوزي، وأبي الفداء ابن كثير، فلم يأت في تفاسيرهم شيء عنها البتة.
رابعًا: هذه القراءة المنكرة المنسوبة لأبي حنيفة ليست أول حكاية عن مخالفته لقواعد اللغة والنحو، فقد رُوِي عنه غيرها، كما تراه في ترجمة الخطيب البغدادي له في تاريخ بغداد ١٣/ ٣٣٢، ويرى المحققون أن الحامل للخطيب على
1 / 222