139

مقالات العلامة الدکتور محمود محمد الطناحي

مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي

خپرندوی

دار البشائر الإسلامية بيروت

د ایډیشن شمېره

الأولى

ژانرونه

بالتدريج، وإن كنا لا ندرك بالضبط متى تم هذا، كما لا يدرك الناظر في السماء انسلاخ النهار من الليل إلا حين يغشاه نوره ويغمره سناه.
وليس أدل على أهمية «الحفظ» في العملية التعليمية في تراثنا، من هذا القدر الهائل من المنظومات في اللغة والنحو والفرائض (المواريث)، والقراءات، وعلوم الحديث والأصول والبلاغة والمنطق والعروض والميقات والطب، وكل ذلك لضبط القاعد وتثبيت الأحكام. وما أمر «ألفيه ابن مالك» ببعيد!
ومع المنظومات المطولة في النحو والصرف كان هناك البيتان والثلاثة والأربعة لضبط القاعدة وترسيخها. فهذا جمع التكسير ينقسم إلى جموع قلة وإلى جموع كثرة، وللأول أربعة أوزان، وللثاني سبعة عشر وزنًا، ولصعوبة حصر هذه الأوزان صاغها بعضهم شعرًا ليسهل حفظها، فجموع القلة جمعت في قوله:
بأفعل ثم أفعال وأفعلة ... وفعلة يعرف الأدنى من العدد
كأفلس وكأثواب وأرغفة ... وغلمة فاحفظنها حفظ مجتهد
وجموع الكثرة جمعت في قوله:
في السفن الشهب البغاة صور ... مرضى القلوب والبحار عبر
غلمانهم للأشقياء عمله ... قطاع قضبان لأجل الفيلة
والعقلاء شرد ومنتهى ... جموعهم في السبع والعشر انتهى
وترتيب الخليل بن أحمد لمواد المعجم نظمها بعضهم في قوله:
عن حزن هجر خريدة غناجة ... قلبي كواه جوى شديد ضرار
صحبي سيبتدئون زجري طُلَّبًا ... دهشي تطلب ظالم ذي ثار
رغمًا لذي نصحي فؤادي بالهوى ... متلهب وذوي الملام يماري
وواضح أن المراد الحروف الأولى من كلمات هذا النظم هكذا: ع ح هـ خ غ ... الخ.
هذا إلى الضوابط النثرية، مثل «سألتمونيها» لضبط حروف الزيادة، و«سكت

1 / 153