بلغ سبعين سنة أثبتت حسناته، ومحيت سيئاته، فإذا بلغ ثمانين سنة استحيا الله أن يعذبه، فإذا بلغ تسعين سنة كان أسير الله في أرضه، ولم يخط عليه القلم، بحرف. أبو يعلى في مسنده الكبير عن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة إلا رفع الله تعالى عنه أنواعًا من البلايا الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين سنة هون عليه الحساب، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ سبعين سنة أحبه الله وأحبه أهل السماء والأرض، فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفر الله ما قدم من ذنبه وما تأخر، وسمي أسير الله في أرضه وشفع لأهل بيته، وللحديث هذا طرق كثيرة، أورد شيخ الإسلام منها طريقًا ذكرها البيهقي في كتاب الزهد له بنحو ما تقدم، قال شيخ الإسلام: هذا أمثل طريق في هذا الحديث، فإن رجاله ثقات، ومنها طريق أبي نعيم في تاريخ أصفهان، وقال: رواته مرثوقون إلا الصباح، فإني لا أعرف فيه جرحًا
ولا تعديلًا، وأملى الحافظ في أماليه وأخرجه. . . في. . . من البخاري، وقال ابنه: روي من طرق، وهذا الطريق أمثلها، قال شيخ الإسلام: والذي يظهر لي أن أمثلها ما قدمته، وكلام الحافظ العراقي مقبول بالنسبة إلى الطرق التي ذكرها هو، فإنه لم يذكر الطريق الذي قدمتها إما سهوًا، وإما غفلًا، ومنها طريق ذكرها أبو يعلى الموصلي في مسنده أيضًا، عن أنس بن مالك رفع الحديث، قال: [المولود حتى يبلغ الحِنْثَ ما عمل من حسنة كتبت لوالده أو لوالدته وما عمل من سيئة لم تكتب عليه
ولا على والديه، فإذا] (*) بلغ الحنث جرى عليه القلم وأمر المكان اللذان معه أن يحفظا وأن يشددا؛ فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمنه الله من البلايا الثلاثة الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ الخمسين خفف الله من حسابه، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء والأرض، فإذا بلغ الثمانين كتب الله له حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما قدم من ذنبه وما تأخر وشفعه في أهل بيته كان أسير الله في أرضه؛ فإذا بلغ أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئًا كتب الله له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير؛ فإذا عمل سيئة لم تكتب عليه، وفي إسناده مجهولان، ويشهد لبعضه ما أخرجه ابن حبان في الضعفاء عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله ﷺ من بلغ الثمانين من هذه الأمة؛ فإذا يعرض ولا يحاسب، وقيل أدخل؟ ومن شواهده، ما أخرجه ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، قال: في أحسن تقويم يعني أعدل خلق ثم رددناه أسفل السافلين يعين إلى أرذل العمر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، يعني غير منقوص؛ فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر، وكان يعلم في شبابه عملًا صالحًا، كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما عمل في كبره، ولم تكبت عليه الخطايا التي يعمل بعد ما بلغ أرذل العمر إسناده صحيح، وفيه إشارة إلى أن المراد في ذكر الأحاديث السابقة من كان يعمل في شبابه عملًا صالحًا.
_________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين استدركته من طبعة ابن حزم بتحقيق محمد شايب شريف، وكان في المطبوع، بدلا منه عبارة [الولد حتى] (كذا)
1 / 205