٨ فهذا هو الطريق إلى إدراك صناعة الطب بحسب المادة التى هى أولى المواد بها وأما السبيل إلى إدراك أجزائها التى هى بحسب المادة التى هى أولى بها على الطريق الثانى فتجرى على هذا النحو أقول ان بدن الإنسان هو مادة ثانية لصناعة الطب وكأنه مادة لها على طريق العرض وذلك أن الصحة والمرض إنما هما حالات البدن فإن بدن الإنسان هو مادة ثانية ومادة على طريق العرض للفلسفة الطبيعية أيضا إذ كان قابلا للكون والفساد وكانت الفلسفة الطبيعية إنما شأنها البحث عن ما هو قابل للكون والفساد ولذلك صارت المادة الأولى لهذه أيضا الكون ومن قبل ذلك صار مادتها على طريق العرض الجسم المتكون أيضا فإن بدن الإنسان أيضا إنما صار مادة للعلم الطبيعى من طريق أنه قابل للكون والفساد وليس من هذه الطريق صار مادة لصناعة الطب لكن من طريق أنه قابل للآلام والفساد فلما كان بدن الإنسان كأنه مادة لصناعة الطب فإن صناعة الطب تنقسم من الأجزاء على قدرما يحتمل البدن من القسمة فتكون أصنافها الأول الجنسية صنفين أحدهما فى الأعضاء التى تجرى مجرى الأركان والأخرى (فى) الأعضاء الآلية وإذا قسمنا هذه بأجزائها كانت أجزاء الطب على قدر عدد أعضاء البدن التى تجرى مجرى الأركان والأعضاء الآلية وعلى قدر علل كل واحد منها وذلك أن كل واحد من علل كل واحد من الأعضاء يصير له من الطب جزء يخصه وقد بينا أن جزءا من هذه الأجزاء ينقسم إلى العلاجات الجزئية فى ذكرنا لأمر قدح الماء فإن العلم بهذه هو أجزاء هذه الصناعة بأسرها التى تجرى مجرى الأركان وأما فى العلل التى يكون شفاؤها بالأدوية فالعلم بكل واحد من الأدوية المفردة وكذلك أيضا فى العلل التى يكون برؤها بالتدبير العلم بأصناف التدبير البسيطة وليس من هذه المادة وحدها قد تنحط القسمة إلى الأجزاء الأواخر التى تجرى مجرى الأسطقسات من هذه الصناعة لكن قد ينحط أيضا إليها من القسمة التى ذكرناها قبيل وكذلك أيضا إذا أجريت القسمة على وجه آخر أى وجه كان فلننزل أنا قصدنا لأن نقسم جنسا من أجناس الحالات إلى التى تنتهى إلى أجزائها الأواخر ونجعل ذلك الجنس جنس المرض فتكون القسمة الأولى فى هذا الجنس أن نقول أن بعض الأمراض تعرض فى الأعضاء المتشابهة الأجزاء وبعضها فى الأعضاء الآلية على ما بينا فى المقالة التى وضعناها فى أصناف الأمراض والقسمة الثانية أن بعض الأمراض بسيطة وبعضها مركبة على ما بينا أيضا من ذلك فى تلك المقالة فالعلم بشفاء واحد من هذه الأمراض أيها كان قد يحتاج فيه إلى العلم بالأجزاء التى ليس وراءها غاية فى الصغر الجارية مجرى الاسطقسات وهى تلك الأجزاء التى تقدم ذكرها فلننزل مثلا أنا قصدنا لشفاء مرض حار فلا نعلم أنا لا محالة نحتاج أولا فى شفائه أن نعلم أن الأضداد هى شفاء لأضدادها فإن ذلك قد تبين أنه هو العلم الشامل العام المتقدم لجميع العلوم بأصناف الشفاء ثم من بعد ذلك نحتاج أن نعلم أن المرض الحار إنما ينبغى أن يشفى بالأشياء المبردة ثم من بعد ذلك أن المرض الحار فى الدرجة الأولى مثلا إنما ينبغى أن يشفى بما هو بارد فى الدرجة الأولى ثم من بعد ذلك نحتاج أن نعلم مراتب الأمراض الحارة فى الدرج ومراتب الأدوية المبردة على ما بينا فى كتبنا فى الأدوية فقد يعلم ذلك أن الإنسان من حيث ابتدأ بالقسمة فإنه إذا سلك فيها سبيل الصواب إلى أن ينتهى إلى العلوم الأواخر التى تجرى مجرى الأركان فإن القسمة تؤديه إلى العلوم التى تقدم ذكرها
[chapter 9]
مخ ۴۶