============================================================
الأرض أو عن يمينه أو عن يساره، وإنما يجب أن يدعو ناظرا إلى السماء ومبتهلا نحوها، وليس ذلك لأن الله تعالى في السماء حال في السماء، ولا موجود بها كوجود الأجسام بأماكنها، وإنما ذلك لأن الله تعالى لا ينبغي أن نختار له إلا أشرف العبادات، فإذا أشار الداعي بدعائه نحو السماء كان أشرف وأعلى من أن يشير نحو الأرض لأنه تعالى قال: وهو القاهر فوق عبادهه ) [الأنعام: 18].
وكونه تعالى فوقهم ليس هو كون السماء فوق الأرض جسمان من الأجسام، وانما معنى وصف الله تعالى بأنه فوق عباده أنه قاهرلهم وغالب لهم وحاكم فيهم، وليس معنى ذلك أنه فوقهم بمكان أعلى من أماكنهم لأنه تعالى هو محدث الكل وخالقه، فكيف يفتقر إلى المكان من لولاه لم يكن المكان؟!(1).
* وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري (ت536ه) في شرحه على صحيح مسلم عند قوله يلة: لاحجابه النور، لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"2): الحجاب بمعنى الستر إنما يكون على الأجسام المحدودة، والبارى جلت قدرته ليس بجشم ولا محدود(3).
وقال أيضا في شرحه قول النبي للسوداء: "أين الله؟": إنما وجه السؤال بلأين؟" هاهنا سؤال عما تعتقده من جلال البارى سبحانه وعظمته، وإشارتها إلى (1) التسديد في شرح التمهيد، (مخ/ق 23/ ب) (2) كتاب الايمان، باب قوله عليه السلام: "إن الله لأ ينام8.
(3) المعلم بفوائد مسلم (ج1/ ص224)
مخ ۲۸