و المعاند للقول والمضاد بأن أمر الأشياء التى قلنا وسلامتها انما تتم بالآلهة قول من يقول فى الآلهة أن وجودها من أجلنا وأن أفعالها الخاصة بها تتم بمثابرتها علينا وبحفظها ورصدها لنا ولكل واحد من الأمور الصادرة عنها وانما تمنع بعض أمورنا وتعوقه عن الكون وبعضها تطلق وتأمر فيه. وذلك أن هذا الاعتقاد وهذا الظن لا يليقان بالآلهة أصلا، من قبل أنه ولا ما كان من الأفعال الانسانية أفضل وأشرف يؤثر أن يكون من أجل شىء آخر، بل كونها من أجل ذاتها . وذلك أن كون النظر العقلى انما هو وجود الكمال له بالفعل نفسه الذى يكون بالنظر بالفعل. وأكثر من ذلك كثيرا وأولى أن يكون الله تعالى انما يفعل الأفعال الخاصة به المناسبة له من أجل ذاته، لا من حيث غرضه فى ذلك ومقصوده سلامة الأشياء التى هاهنا وخلاصها ومن حيث أفعاله مردودة مضافة اليها. فان القول يحكم بأن أفعاله التى بها الوجود له وبها هو ما هو فصار عنها على عادته الفضيلة والسعادة دائما بلا فتر. وأما مبلغ عنايته بالأشياء التى هاهنا، فالحكم يوجب أنها تكون بمبلغ ما هو خير وفاعل للخيرات، وذلك أن الخاصة لكل خير أن يكون نافعا.
مخ ۵۵