(فر..)(ولا يورد)(ولا عدوى ولا..) (كنت نهيتكم.. فزوروها) تلا306 المحكم هو الحديث الذي سلم من المعارضة. وأكثر الأحاديث النبوية محكمة. وأما مختلف الحديث فهو أن يتعارض حديثان ظاهرا. والسبيل في هذا أن يجمع بينهما إذا أمكن. وهذا المسلك سار في أكثر الأحاديث التي ظاهرها التعارض. وقد مثل له الناظم بثلاثة أحاديث أحدها حديث "لا عدوى"307 الذي اختلف في ظاهره مع الحديثين الآخرين وهما حديث "لا يورد ممرض على مصح"308 وحديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد"309. وهذه الأحاديث كلها صحيحة استوفي الكلام عليها الحافظ في الفتح .310 وبين مسالك الناس فيها ما بين جامع ومرجح وقائل بالنسخ . ونقل هناك قول الحافظ ابن جرير الطبري من القائلين بالجمع. وهذا نص قوله:
"الصواب عندنا القول بما صح به الخبر، وأن لا عدوى ، وأنه لا يصيب نفسا إلا ما كتب عليها. وأما دنو عليل من صحيح فغير موجب انتقال العلة للصحيح ، إلا أنه لا ينبغي لذى صحة الدنو من صاحب العاهة التي يكرهها الناس، لا لتحريم ذلك، بل لخشية أن يظن الصحيح أنه لو نزل به ذلك الداء أنه من جهة دنوه من العليل فيقع فيما أبطله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العدوى".311 ...
ونقل كذلك قول البيهقي:
"وأما ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال "لا عدوى" فهو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى. وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب سببا لحدوث ذلك ، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم "فر من المجذوم فرارك من الأسد" وقال "لا يورد ممرض على مصح" وقال في الطاعون "من سمع به بأرض فلا يقدم عليه" وكل ذلك بتقدير الله تعالى"312
وهذا المسلك قد قواه الشيخ أحمد شاكر من بين أربعة مسالك نقلها عن السيوطي في التدريب.
مخ ۸۹