براري بلدة موريس
نشأ ولدا ويليام في بلدة إسكوسنج بين أبناء عمومتهما، وكانا يلقيان معاملة حسنة. ولكن لم يكن ثمة ما يكفي من المال لإرسالهما إلى المدرسة الثانوية أو الجامعة إذا أراد أي منهما ذلك أو إذا قيم بأنه مؤهل للذهاب إلى هناك. ولم يكن ثمة أرض لتورث لهما؛ ومن ثم، بمجرد أن كبرا بما يكفي انطلقا لاستيطان أرض جديدة في البراري، وصاحبهما أحد أبناء عمومتهما، وهو أحد أبناء أندرو، وكان يدعى روب الكبير؛ لكونه يحمل نفس اسم الابن الثالث لويل وماري، الذي كان يسمى آنذاك روب الصغير. وقد تبنى روب الكبير العادة أو الواجب العائلي المتوارث الخاص بكتابة مذكراته حين بلغ المشيب، حتى تعرف الأجيال التالية في العائلة كيف كانت تبدو الأمور.
في يوم الثالث من نوفمبر عام 1851، وضعت أنا وابنا عمي، توماس ليدلو المقيم الآن في بليث، وشقيقه جون، الذي ذهب إلى كولومبيا البريطانية منذ عدة أعوام، صندوقا يحوي أغطية أسرة وبعض أواني الطهي في عربة تجرها الخيول، وانطلقنا من مقاطعة هالتون لنجرب حظوظنا في براري بلدة موريس.
لم نتجاوز برستون في اليوم الأول؛ نظرا لشدة وعورة الطرق وسوئها عبر بلدتي ناساجاوايا وباسلينتش. وفي اليوم التالي وصلنا إلى قرية شكسبير، وبعد ظهيرة اليوم الثالث وصلنا إلى ستراتفورد. كانت الطرق دائما ما تزداد سوءا كلما اتجهنا غربا؛ لذا اعتقدنا أنه من الأفضل أن نرسل حقائبنا ومقتنياتنا الصغيرة إلى كلينتون بواسطة عربة السفر النظامية. ولكن تلك العربة توقفت عن السير، حتى تجمدت الطرق؛ لذا تركنا الخيول والعربة تعود، حيث جاء معنا ابن عم آخر لنا ليعيدها. حملت أنا وجون ليدلو وتوماس فئوسنا على أكتافنا وذهبنا إلى موريس سيرا على الأقدام. حصلنا على مكان لنسكن فيه، وإن كنا قد اضطررنا للنوم على الأرض متدثرين بلحاف. كان الطقس باردا بعض الشيء لقرب حلول الشتاء، ولكننا توقعنا أننا سنضطر لمواجهة بعض الصعاب وقد واجهناها على نحو أفضل، قدر استطاعتنا.
بدأنا في نشر شجيرات ونباتات دغلية صغيرة عبر طريق مؤد إلى منزل جون، لما كان المكان الأقرب إلى حيث أوينا، ثم قطعنا أخشابا من أجل بناء كوخ وتعريشات كبيرة لتسقيفه. كان الرجل الذي نقيم عنده يملك ثورين يقرن بينهما بنير، وقد سمح لنا باستخدامهما لجر ألواح الخشب والتعريشات. بعدها استعنا ببعض الرجال للمساعدة في إقامة الكوخ، ولكن كان عددهم قليلا جدا؛ إذ لم يكن يوجد سوى خمسة مستوطنين فقط في البلدة. غير أننا نصبنا أعمدة الكوخ جيدا، ووضعنا فوقه التعريشات. وفي اليوم التالي، شرعنا في ملء الفراغات بين ألواح الأخشاب بالطين، حيث لم تكن الألواح متراصة على مقربة شديدة بعضها من بعض، كما ملأنا الفراغات بين التعريشات بالطحالب. وفرنا للكوخ ما جعله يبدو مريحا إلى حد ما، ولما أصابنا الإرهاق من السير عبر الجليد كل يوم وكان الفراش صلبا وباردا، توجهنا إلى بلدة جودريتش لمحاولة الحصول على عمل لبضعة أيام، ولنرى إن كانت صناديقنا وأواني الطهي قد وصلت أم لا.
لم نلتق أحدا يرغب في مساعدة منا، على الرغم من أن ثلاثتنا كنا نتسم بحسن الطلعة. صادفنا رجلا أراد منا تقطيع بعض الحطب له ولكنه لم يكن سيتولى إيواءنا، مما جعلنا نقرر العودة إلى موريس؛ إذ كان هناك الكثير من أعمال تقطيع الحطب التي يمكننا ممارستها هناك. وقررنا تجميع الأعمال والقيام بها دفعة واحدة بطريقة ما.
ابتعنا برميلا من السمك في جودريتش وحملنا جزءا من محتوياته على ظهورنا. وبينما كنا نمر ببلدة كولبورن، تحصلنا على بعض الدقيق من أحد الرجال، ولما كان في طريقه إلى جودريتش قال إنه سيوصل لنا بقية السمك وبرميلا من الدقيق حتى مانشستر (أوبرن الآن). والتقينا به هناك، ونقل السيد إلكينز العجوز السمك والدقيق عبر النهر وكان علينا أن نحملهما من هناك. ولم أكن أحب حمل مؤننا.
توجهنا نحو كوخنا، وأحضرنا بعض أفرع الشوكران لنصنع منها سريرا، ولوحا كبيرا من خشب شجرة دردار لنصنع منه بابا. ذات مرة، قال رجل فرنسي من كيبك لجون إن المدفأة في الأكواخ المشيدة من خشب الأشجار يجب أن تكون في منتصفها؛ لذا قال جون إنه سيجعلها في منتصف الكوخ. أقمنا أربعة أعمدة وأخذنا نبني المدخنة فوقها. وضعنا شرائح خشبية فوق الأعمدة، على شكل منزل، معتزمين لحامها معا بالطين من الداخل ومن الخارج. وحين خلدنا إلى سريرنا المصنوع من خشب الشوكران، أشعلنا نارا ضخمة، وحين استيقظ بعضنا خلال الليل كانت النار قد اشتعلت في الألواح الخشبية للكوخ بأكملها وكانت بعض التعريشات تشتعل بسرعة رهيبة أيضا. ومن ثم، فككنا المدخنة، ولم تكن التعريشات صلبة لكي يتم تفكيكها، حيث كانت من خشب شجر الزيزفون الأخضر. وكانت تلك هي آخر مرة نسمع فيها عن بناء مدفأة في وسط المنزل. وبمجرد أن بزغ ضوء النهار شرعنا في بناء المدخنة في نهاية المنزل، إلا أن توماس كثيرا ما كان يسخر من جون ويتهكم عليه بشأن مسألة بناء المدفأة في منتصف الكوخ. غير أننا أقمنا المدخنة، وأنجزت مهمتها على نحو جيد. وحققنا تقدما أكبر بكثير في تقطيع الأخشاب، بعد أن أزيحت الأشجار الصغيرة والأفرع من الطريق.
وهكذا كنا نتقدم بخطى بطيئة، حيث كان توماس يتولى الخبز والطهي؛ لأنه كان أفضل ثلاثتنا في ذلك. ولم نكن نغسل أي صحون على الإطلاق، وكان لدينا طبق جديد لكل وجبة.
أرسل لنا رجل يدعى فالنتاين هاريسون، كان يعيش على الطرف الجنوبي لقطعة الأرض رقم 3، منطقة الامتياز رقم 8؛ جلد جاموس كبيرا جدا، لنبسطه فوقنا على السرير. كنا قد صنعنا هيكلا خشنا للسرير وربطنا أجزاءه معا باستخدام أغصان الأشجار الرفيعة بدلا من الحبل، إلا أن الأغصان تدلت على نحو سيئ في منتصف السرير، ومن ثم أحضرنا عمودين ووضعناهما على نحو طولي أسفل أفرع الشوكران، بحيث أصبح لكل منا نصيبه من السرير، ولم نكن نتقلب على الجزء الذي في المنتصف؛ مما أدخل تحسنا على سرير العزاب هذا.
ناپیژندل شوی مخ