وإذن فقد بين بوانكارية التكافؤ التام بين الهندسة الإقليدية والهندسة اللاإقليدية عند لوباتشفسكي، من حيث الصدق. ومن هنا يكون السؤال عما كانت إحداهما أصدق من الأخرى، سؤالا أسيء وضعه. ولندع بوانكاريه يتكلم: «فما قولنا في هذا السؤال: هل الهندسة الإقليدية صحيحة؟ ليس لهذا السؤال أي معنى؛ بل هو لا يختلف عن التساؤل عما إذا كان نظام القياس العشري صحيحا والمقاييس القديمة باطلة، وعما إذا كانت إحداثيات ديكارت صحيحة والإحداثيات القطبية باطلة. إن أية هندسة لا يمكن أن تكون أصدق من الأخرى، وكل ما يمكنها هو أن تكون أكثر يسرا
على أن الهندسة الإقليدية أكثر يسرا من غيرها، وستظل كذلك دائما: (1)
لأنها هي الأبسط ... (2)
ولأنها تتفق إلى حد غير قليل مع خصائص الأجسام الطبيعية، وهي الأجسام التي تقترب منها أعضاء جسمنا، وعيننا، والتي نصنع منها ما لدينا من أدوات للقياس.»
18
ولقد كان لهذه الإشارة إلى اليسر دور كبير في بداية هذا القرن، فرأى البرجماتيون فيها تأييدا لمبدئهم الفلسفي القائل إن الحقيقة تتصف بأنها قيمة للمنفعة، ولليسر.
والحق أنه مهما كان لهندسة إقليدس من قيمة عملية تكاد تكون شاملة، فمن الممكن فعلا أن تظهر حالات تصبح فيها الهندسة اللاإقليدية أكثر مناسبة لأحد البحوث الخاصة. فعندما بدأت النظرية النسبية العامة لأينشتين تطبق، تبين أن من الممكن التعبير عنها عن طريق هندسة أخرى لا إقليدية (هي هندسة ريمان) بطريقة أكثر يسرا منها في هندسة إقليدس. وعلى هذا فالإشارة إلى اليسر لا يمكن أن تمدنا بمعيار للقيمة «العقلية» «والتجريبية» المطلقة لهندسة من الهندسات. (17) هندسة «ريمان»
لقد أشرنا منذ قليل إلى الهندسة اللاإقليدية عند ريمان
Riemman (1826-1866م) وهذه الهندسة بدورها لا تقبل قضية إقليدس القائلة بوجود مواز واحد. وتتخذ هندسة «ريمان» بدلا من مصادرة إقليدس مصادرة أخرى تقول إنه لا يمكن رسم أي خط مواز لمستقيم. فأي مستقيمين على سطح معين يمكن أن يتقابلا. والواقع أن سطح أية كرة (حين ننظر إليه دون أية إشارة إلى بعد ثالث) يتمثل فيه مجال صالح للتوسع في هندسة ريمان ذات البعدين. فعلى مثل هذا السطح تكون الفكرة المناظرة للخط المستقيم في المسطح
19
ناپیژندل شوی مخ