العلم بأنه «لغة أحسن إعدادها». وفي مقابل ذلك نرى أن اكتمال اللغة يؤدي إلى بدء المعرفة، كما يؤدي وضع المصطلح على أسس عقلية إلى البدء في معرفة الأشياء. وفضلا عن ذلك، فلما كنا سنقتبس تصنيفنا المؤقت من أوجست كونت
1
الذي كان شديد الانكباب على معرفة علوم عصره، والذي اتجه بفكره إلى المشاكل التي تثيرها الصلات بين هذه العلوم، فسوف نستطيع الاهتداء خلال ذلك إلى أفكار طريفة وعميقة.
تصنيف بيكن (1623م) وأصحاب جائزة المعارف (1751م)
لكي يتسنى لنا فهم تصنيف «أوجست كونت»، يجب علينا أن نقول بضع كلمات عن التصنيفات السابقة له، والتي نقدها هو. فهو يتحدث أولا عن تصنيف «فرانسيس بيكن»، وأساس هذا التصنيف هو التفرقة بين ثلاث ملكات لدى الإنسان، وهي الذاكرة، والخيال، والعقل. فالذاكرة يناظرها التاريخ، الذي ينقسم إلى التاريخ المدني (وهو ما نسميه عادة اليوم بالتاريخ، بمعناه الصحيح) والتاريخ الطبيعي. والخيال يناظره الشعر. وأخيرا فالعقل هو أساس الفلسفة أو العلم بمعنى الكلمة، وهو الذي قد يكون موضوعه الله (اللاهوت) أو الطبيعة (الفلسفة الطبيعية) أو الإنسان (الفلسفة الإنسانية).
ثم يتحدث كونت بعد ذلك عن تصنيف أصحاب دائرة المعارف، وهو تصنيف ديدرو.
2
وهذا التصنيف شبيه من حيث المبدأ، بتصنيف «بيكن»، وهو التفرقة بين الكلمات الأساسية الثلاث للعقل: الذاكرة، والعقل، والخيال.
نقد التصنيفين: لا يعترفان بوحدة العقل
يقول «كونت» إن مثل هذه التصنيفات «معيبة من أساسها»، إذ إن عقلنا يستخدم، في كل مجال من مجالات نشاطه، جميع ملكاته الأساسية في آن واحد، وإنه لمن اليسير أن نبين أن الفنون الجميلة، مثلا لا تقوم على أساس الخيال وحده، وإنما على الذاكرة والعقل أيضا، إذ إنها كثيرا ما تتطلب من الفنان أن يكون ملما بمعلومات واسعة، وتقتضي في جميع الأحوال تنظيما عقليا للعناصر التي يمدنا بها الخيال. ولكن، لما كان اهتمامنا هنا منصبا على العلوم وحدها، فلنقتصر إذن على تذكرة القارئ بما قلناه عن مكانة الخيال العلمي
ناپیژندل شوی مخ