أما العلم فيستخدم لغة بلغت من الدقة حدا هائلا، هي لغة الرياضة التي أدى إعدادها منذ أكثر من ألفي سنة إلى استبعاد كثير من ضروب اللبس، وحسبنا دليلا على ذلك تلك التفرقة التي يستطيع الرياضيون تقريرها بين القضايا «المتبادلة
les reciproques
وبين القضايا العكسية
les inverses » وهي التفرقة التي لا تلحظها اللغة المتداولة. (2)
ليست اللغة «صحيحة» في ذاتها؛ بل تقتصر على أن تأتي بأداة يمكن كشف الحقيقة عن طريقها، في حين أن العلم يشتمل على عدد هائل من القضايا التي تتحقق يوميا، وتكون نبعا من الحقائق المادية ما علينا إلا أن ننهل منه.
ومن ثم فإذا كان الأمر متعلقا بالعلم فليس للمرء أن يتساءل أهو صحيح؟ إذ إن السؤال ذاته لا يمكن أن يوجه، وحسب المرء أن يتساءل: كيف أصبح العلم صحيحا؟ أو كما يقول «كانت» في كتابه «المقدمات
» كيف تكون الرياضة ممكنة؟ وكيف يكون علم الطبيعة المحض ممكنا؟
12
وهذا السؤال المزدوج هو الذي يلخص «فلسفة العلوم».
ويطلق اسم فلسفة العلوم على شكل من أشكال المنطق، يطبق التحليل النقدي الواعي على العلم، وتمر فلسفة العلوم بالمراحل الآتية: (1)
ناپیژندل شوی مخ