257

منطق او د علم فلسفه

المنطق وفلسفة العلوم

ژانرونه

ولنتابع «دوب»

9

في ملاحظة أخرى له، إذ يقول: «لقد تعاقب في التاريخ فهمان للمنطق يختلفان فيما بينها أشد الاختلاف، فالمنطق القديم يمكن أن يوصف بأنه منطق فلسفي، والمنطق الحديث (الذي لا ترجع آثاره الأولى إلى أكثر من نصف قرن من الزمان) يمكن أن يوصف بأنه منطق «وضعي»، والموضوع الذي تدرسه هاتان الفئتان الكبيرتان من المنطق واحد في أساسه: فهدفهما الدائم هو البحث في شروط صحة الاستدلالات ... غير أن المنطقين يقدمان إلينا معرفة منظمة بهذه الشروط تخضع لمثالين في المعقولية مختلفين أشد الاختلاف: إحداهما معقولية نصفها بأنها فلسفية، والأخرى معقولية يمكن وصفها بأنها وضعية.»

الجبر المنطقي

ولنتساءل هنا بوجه خاص: كيف تسنى للمنطق الصوري أن يتلاءم مع موضوع الاستدلال الرياضي ومناهجه؟ إذا لاحظنا دور الرموز في ظهور التفكير الرياضي، أدركنا أهمية إدخال الرمز بطريقة منظمة في المنطق. حقا أن المنطق المدرسي كان يستخدم نوعا من الرمزية، ولكنها كانت رمزية ساذجة إلى حد بعيد، ثم إن الذي أدى إلى استحداث تجديد شامل في المنطق، لم يكن مجرد إدخال الرمز، وإنما الاستعمال المنظم للرمز تبعا لقواعد فنية بالغة الدقة. ويرجع الفضل إلى عالم منطقي إنجليزي هو «بول

Boole » (1815-1864م) في القيام بأول محاولة متسقة جدية لإيجاد منطق يسير في هذا الاتجاه، ويشيع إطلاق اسم «الجبر المنطقي» على منطق «بول» هذا.

ولقد لاحظ «بول» أننا إذا كنا نستخدم في عمليات الجبر رموزا لها خصائص معينة، فمن الممكن استخدام رموز مشتقة من الرمزية الجبرية للتعبير عن العمليات الفكرية.

فلنتأمل مثلا عملية الجمع في الجبر الأولي، هذه العملية لها خصائص شكلية معينة، أعني خصائص مستقلة عن طبيعة الكيانات الرياضية التي تجري عليها. ولنضرب لهذه الخصائص مثلا بصفة «التبديل

Commutativité » ويعبر عن التبديل في الجمع بالعلامة س + ص = ص + س. ومعناها أن مجموع عاملين من س، ص يمكن قلبه، أي «تبديل» ترتيب الحدود، مهما كانت قيمة س، ص.

فلنتأمل الآن العملية الفكرية التي تجمع أو تضم مجموعتين من الأفراد - ويسميها المنطقي فئتين - وهي العملية التي يعبر عنها مثلا بالصيغة: «الفرنسيون والإنجليز» ففي هذا الجمع بين الحدين: الفرنسيين - الإنجليز، بوساطة العملية المنطقية «و» يمكننا أن نعكس ترتيب الحدين، فنقول: «الإنجليز والفرنسيون» وهنا نجد صفة مستقلة كل الاستقلال عن الحدود التي تجمعت، ويمكننا القول بأن هذا التجمع، الذي نعبر عنه بحرف العطف هو تجمع «قابل للتبديل» مثله في ذلك مثل الجمع في الجبر الأولي. فالعملية المنطقية للعطف (أي الواو) - حين ينظر إليها من وجهة النظر الشكلية الخالصة هذه، وبغض النظر عن «معنى» الحدود التي تربط بينها - لها بدورها خصائص جديدة مماثلة تماما للخصائص المميزة للجمع الجبري الأولي. وعلى ذلك ففي وسعنا أن نرمز لعملية الضم هذه برمز الجمع: +.

ناپیژندل شوی مخ