أما الهندسة الأولية، فتخضع لمجموعة التغيرات والتشابهات، وهذا التعبير المجرد يفسر تجربة شائعة. فمن الممكن تغيير موضع شكل دون تغيير الشكل ذاته، ومن الممكن زيادة أو إنقاص أبعاد شكل بنسبة واحدة، دون تغيير خصائصه الهندسية، والذي يدهش في الأمر أن هذه الأوصاف المعتادة تكفي للدلالة على ماهية الهندسة الأولية، فإذا ما انتقلنا من الهندسة الأولية إلى مذهب هندسي آخر، كالطوبولوجيا مثلا، وجدنا مجموعة أخرى. ففي حالة الطوبولوجيا، يجب فحص مجموعة تسمى بالمجموعة «المتماثلة الأشكال»
groupe des homéomorphes
وتلك هي مجموعة التغيرات الزوجية المتناظرة والمتصلة، أعني مجموعة التغيرات التي تجعل شكلين يتناظران نقطة نقطة مع بقاء جوارهما مستمرا.
وفكرة المجموعة لا تكفي بأن تسود الهندسة؛ بل إن الميكانيكا التقليدية تخضع لمجموعة معادلات لورنتس
Lorentz .
وهذه الفكرة، التي تبدو بمثل هذه البساطة في ظاهرها، قد اهتدى إليها شاب فرنسي عبقري قتل في مبارزة وهو في العشرين من عمره، هو إفارست جولوا (
Évariste Galois ) (1811-1832م) وقد طبق «جولوا» هذه الفكرة على حل المعادلات الجبرية، وثبت من بحثه الأخير الذي كتب في الليلة السابقة على المبارزة، أن جولوا قد أدرك ما في استخدام المجموعات في الجبر من خصوبة عظيمة. والواقع أن فكرة المجموعة، ومعها بعض المعاني الأخرى المتشابهة (مثل معنى الجسم والحلقة الدائرية ...) فكرة أساسية في الرياضيات الحديثة: «فنظرية المجموعات هي، بمعنى ما، الرياضة مجردة من مادتها ومردودة إلى صورتها المحضة.»
21
خامسا: امتدادات مفهوم العدد (21) تعاقب الأعداد الصحيحة لا ينتهي
أوضحنا في الفصل السابق كيف نشأت فكرة العدد، فرأينا أن العد كان ينحصر في إيجاد تناظر بين مجموعتين (بحيث يرتبط شيء من إحدى المجموعتين بشيء من المجموعة الأخرى). فإذا أمكن إيجاد مثل هذا التناظر حتى تستنفد كل الأشياء في المجموعتين في وقت واحد، أمكن القول إن عدد الأشياء في المجموعتين واحد.
ناپیژندل شوی مخ