بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أحيا أموات النبات بنفحة نفحة إسرائيل الأقدار بالاقتدار، في صُوَر صورةِ شريف لطيف رحمته المودعَة في ضمن أرسال الرياح. الذي حَلّى أجياد الجماد من قدود مهفهفات الأغصان بلآلىء عقود العنقود كاللؤلؤ المنضود، من سوسن ونرجس وشقائق وأقاح وتفاح، ومنطق غلمان أفنان الأشجار بمعصفرات مكلَّلات مناطق الزهر الفيّاح، فالأرض تبتسم عَجَبًا، والسماءُ تبكي طَربا، والنَوْر يحكي ذَهَبا، والطير يُغنِّي شجنًا ويرتاح، وعروس عرائس - الغُروس تتمايلُ تواجدًا عند مرّ هبوب لطيف عطر نسيم الرياح، فكُتما أدارَ نديمُ نسيم بنسيم وابل الأمطار، في مجلس الدوحة على صوفيّة الأشجار كأسَ الطربِ والأفراح، وصوتت شبابةُ الريح، على إيقاع طار الرعد غنّى بلبلُ البلبال وباح، ولمعت شموس النُوّار، وصَفَّقَت أكفُ الأوراق فتمايلت الأشجار، ورموا على مغاني الأطيار مرقعات النواوير من الارتياح، والطيور تسجع والهزار يصفر والهدهد يهدّد بإفصاح، والقمر يُغَرِّد، ورهبان الملائكة يتلون في جوامع صوامع أذكارهم إنجيل تبجيل الملك الفتّاح، البصير الذي يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصمّاء في الليلة الظلماء بغير مقلة تعتريه بالانطباق والانفتاح، السميع الذي يسمَعُ وقوع قوائم الذرّ على البرّ، ويعلم ما يختلح في طباق مكنونات خزائن الأشباح، ينزل كلّ ليلةٍ إلى سماء الدنيا - تعالى ربّنا عن الانتقال والقيام والارتحال والمسير والعدو والرواح - فيقول: هل من سائلِ فأعطيه؟ هل من تائبِ فأتوب عليه؟ هل من داع فاستجيب له، كما ورد عن النبي (في الصحاح، فَسبحان الذي أطلع من قعر بحر الغيب نفيس جواهر الأرواح، وأودعها بسرِّ حكمته في خزائن الأشباح، أدارَ الفَلَكَ لِيُعْلَمَ بدورانهِ وجودُ المساء والصباح، جعل الليل والنهار طرازين على كُميّ مرقعة الدهر لاصطياد الأرواحُ من اقفاص الأشباح، نَثَرَ دنانير الكواكب على زُرقة شقّة وجه السماء والليل مطويُّ الوشاح، فكأنهُنَّ جَمَرات بقين في مواقد خَلَعَتْ عنها ثيابَ الرماد أيدي الرياح، أو عيونُ الروم رُكِّبت في محاجر السودان رَكَّبها مقترحٌ أحسنَ الاقتراح، مجيبُ دعوة المضطرِّ إذا دعاهُ وهو معتكفٌ على صَنَم لذّاته وأفعالِه القباح، يسمعُ حنينَ أنينِ الأطفال في ديجور الليل وجَرْيُ الماءِ في العود وخيلُ الليل تركض للصباح، استوى على العرش وما جلس، ونَزَل وما انتقل، هذا هو الحق ومن خالفه فهو الخطأ الصُراح، من شرب من راحِ حُبِّه ارتاح، وأعلن بأسراره - وباح، من خالَفَ هوى نفسه استراح، وإلاّ فهو كبيتٍ ما فيه مصباح، أفيقوا من خُمار الهوى فقد نادى المنادي: حيَّ على الفلاح، واتلوا على أسماع القلوب آية فَسَّرها ذو الصلاح، (الله نُورُ السَماواتِ والأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمشكاةِ فيها مِصْباحٌ) قُمْ في وقت السحر واسمع حنين العاشقين وأنين المشتاقين ياذا الأفعال القباح، ينادون مولاهم بشفاهٍ ذابلة، ودموعٍ سائلة، وزفرات قاتلة، وألسنة فِصاح، فإن انقطع قلبك في بادية ذنبك وأنت بمعزل عن الصلاح، فنادِ على نفسك نداء من أعلن بقصتهِ وباح، وتفكّر في أفعاله القِباح، فصاح فأنشد صُراح: لا خير في العيش بغير افتضاح ... وهل على من مات وَجدًا جُناح قد جئتكم مستأمنًا فارحموا ... لا تقتلوني قد رميتُ السلاح لا تقتلوني أنا في أسركُمْ ... والحبُ قد أثخن قلبي جراح نَحْمَدُهُ ونشكرُه على ما منَحَ من عطاياه أباح، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك، لِه شهادةً أرجو بها الفوزَ والنجاح، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المخصوص بالعلم وأزواجه صلاةً تقوم فتدوم ما هَبَّت الرياح وما تعاقب الجديدانْ واختلف المساء والصباحْ.

1 / 1

امّا بعد: وفقنا الله وإيّاكم فإنّا نستفتح المجالس بذكر الله العظيم، لنطرد به العويَ الرجيم، ونخرج به من زمرة الغافلين، ونهتدي به إلى الصراط المستقيم، والمنهج القويم، فنقول إذ ذاك بسم الله الرحمن الرحيم، اسم عزيز، بسم الله كلمة السلامة، بسم الله كلمة الكرامة، بسم الله إذا مرّ على القلوب المريضة شَفاها، وإذا نَظَر إليها بعين العناية بلّغها مناها، اسم بذكره يستأنس المستوحشون، بسم الله الرحمن الرحيم أسكر العقول وأحيا القلوب، كاسات هذا الاسم دائرة، فأين القلوب الحاضرة، عَجَباَ لبقاء هذه النفوس عند دَوَران هذه الكؤوس، عَجَبًا كيف تبقى الأرواح في الأشباح عند ذكر الملك الفتّاح، لو أدير هذا الكأسُ على جبل أبي قبيس لَسَكَرَ سُكْرَ قيس، لولا استتار الحقيقة بستر لطيف عن العبأد، لم تثبت عند ذكره الأرواح في الأجساد، لمن لا تليق به الأشياء والأنداد، هذه كؤوس بسم الله تُدار مَنْ يشرب؟، هذه حُداةُ الذكر تُغَنَي فأيْنَ من يطرب؟ هذه حمائم الاشتياق تنوح فأين من قلبه بالفراق مجروح؟ من لم يتطيّب بعرف هذا الوادي فلا طيب له في هذا الناديْ. خليليَّ إن الجزع أضحى تُرابُهُ ... من الطيب كافوراَ وعيدانهُ رَنْدا وأصبح ماءُ الجزع عَذباَ وأصبحت ... حجارتُه مِسْكاَ وأوراقُهُ وَرْدا وما ذاك إلاّ أَنْ مَشَت بجنابه ... كل بثَيْنَةُ في سربِ فَجَرَّتْ به بُرْدا فأهدت لنا من عطفها يوم سَلَّمَتْ ... نسيمًا كريح المسك زدنا به وَجْدا قال سهل بن عبد الله: ما من يوم إلاّ والجليل سبحانه ينادي: ما أنصفتني عبدي أذكرك وتنساني، وأدعوك إليَّ فتذهب عنّي إلى غيري، وأذْهِبُ عنك البلايا، وأنتَ مُعتكف على الخطايا، يا ابن آدم ما اعتذارك غلي ًا إذا جئتني؟. ما زلتَ دهراَ للقلى مُتَعَرَّضاَ ... ولطالما قد كنتَ عنا معْرِضا جانبتنا دهراَ فلما لم تجد ... عوضًا سوانا صرت تبكي ما مضى لو كنتَ لازمتَ الوقوفَ ببابنا ... لَلَبِستَ من إحساننا خِلَغَ الرضا لكن هجرتَ حقوقنا وتركتَها ... فلذاك ضاق عليك متَّسع الفضا مَنْ ذا يُطيقُ صدودنا أو منْ لَهُ ... صبر على سيف الصدود المُنْتَضى يا هذا جَدَّ العارفون وهزلتَ وصعدوا في طلب المعالي ونزلتَ؟ ! حَدوا عَزَماتٍ ضاقت الأرضىُ دونَها ... فصار سُراهم في ظهور العزائم لاحَ لهم عَلَمُ الوصال فنفضوا مزاود الركائب فصاح المحبّ: هبّت لنا من رياح الغدير رائحة: تَمُرُّ الصبا صَفْحاَ بساكن ذي الغَضا ... وَيصْدَعُ قَلْبِي أَن يَهبَّ هُبُوبها قريبةُ عَهْدٍ بالحبيبِ، وإنَّما ... هَوَى كُل نَفْسِ حَنثُ حَلَّ حَبِيبُها وما هجرتكِ النفسُ أنَكِ عندها ... قليل، ولكن قَلَ منكِ نصيبُها ولكنهم يا أجمل الناس أولعوا ... بقولٍ اذا ما جئتُ: هذا حبيبُها يا هذا تتوجه إلى الحبيب ومعشوقتك الدنيا؟ ! طَهِّر خِلالَكَ من خِلّ تُعابُ به ... من الدنيا بالبِرّ والبَرّ والبُرَّ قد وافقوا الوحشَ في سكنى مرابعها ... وخالفوها بتفويض وتطبيبِ نافرهم النومُ وخالفهم السهرُ، فهربوا من كرب الوجد الى نسيم الصبا. يا لنَسيمِ سَحَرٍ بحاجرٍ ... روَّت به ريحُ الصَبا عَهْدَ الصَبا السَحَرُ ربيعُ الأحباب وريحُ الربيع عبير، إذا جالت رياح الأسحار في صحراءِ التعبّد حملت ارائج أزاهر القلوب. " تؤدي صباها ما تقول خزاماها " إذا هَبَّ من وادي العقيق نسيمُ ... يذكّرني عهد الصبا فأهيمُ وإنْ لَمَعَتْ نار على ابرق الحمى ... دعاني هوىَ في القلب منكِ قديمُ وأصبو لخفّاق النسيم إذا سرى ... وسوقي لسُكّان الغوير عظيمُ وإني إذا ما مَضَني الشوقُ والأسى ... رحلتُ وقلبي في الديار مقيمُ أوحى الله ﷿ إلى داود ﵇:

1 / 2

قُلْ لشُبّان بني إسرائيل لِمَ تُشغلون نفوسكم بغيري وأنا مشتاقٌ إليكم، ما هذا الجفا لو يعلم المدبرون - عنّي كيف انتظاري لهم وشوقي إليهم لماتوا شوقًا إليّ وانقطعت، أوصالهم من مَحَبَتي، هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي في المدبرين عليّ؟، يا داود! كَذِبَ من ادَعى مَحَبَّتي فإذا جَنَهُ الليلُ نام عنِّي، كَذِبَ من ادّعى محبتي ثم خَطَرَ بباله غيري، يا آذان القلوب اسمعي أنا جليس من ذكرني: وما كنتمُ تعرفون الجفا ... فَممَّنْ ترى قد تَعَلَّمْتُمُ فيا أرباب القلوب أما فيكم من عَدِمَ لَذَّة قرب محبوبه، أما فيكم من أرضعوه من لبان وصالهم ثم فطموه، يا مفطومهم إبك وترامَ عليهم، يا سماء، أعين المحجوبين اسكبي، يا قمرية قلوب المهجورين ترنّمي واطربي، يا ألسنة المحبِّين عمّا يجن الجنان اعربي، يا أكباد المحزونين ذُوبي والهبي: لقاؤك أنسق للمُحِبِّ وسلوانُ ... وذكرك لي راحٌ وريحُكَ ريحانُ وأنت حياتي إنْ فقدتك لمحةً ... وأوّلُ مَفْقُودَيْنِ روح وجثمانُ ومن عَجَبي أنّي للَحْظِكَ ناظرٌ ... وأنّ فؤادي من ورائك ملآنُ جرى لكَ ذكز فاهتززتُ لطيبهِ ... وعند هبوب الريح ينعطفُ البانُ ومن عجبي دمعي لبُعْدِكَ هَتّانُ ... وفي كَبدي جَمْرٌ يذيبُ ونيرانُ يا مَنْ قد أضاعَ يوسفُ قَلْبَهُ جُزْ بخيام القوم لعلَّكَ تجدُ ريحَهُ، قِفْ بالسَحَر على أقدام الذُلَ لم وقل بلسان التذلُل (يا أيها العزيز مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ)، لمّا أجدبت أرضُ قلب يعقوب لفقد قطر سحاب جمال يوسف، خرج أهل كنعان يستسقون في مصلّى صحراءِ مصر مُرتدين بأردية (مَسَّنا وأهلنا الضُرُّ وَجئْنا ببضاعةٍ مُزْجاة فَأَوْفِ لنا الكيلَ وتَصَدَّقْ علينا) . نشأت سحابُ الغيث (هل علمتم ما فعلتم بيوسف) . غردَ قمريُّ الاعتراف (تالله لقد آثركَ اللهُ علينا وان كُنا لخاطئين) فتبسم ثغر سحاب العفو (لا تَثْرِيبَ عليكم) . إذا ذَهَب العتابُ فليس وُدٌ ... ويبقى الودُ ما بقي العتابُ لولا مرارة البُعد ما نال حلاوة التلاقيْ فلولا البُعد ما حُمِدَ التداني ... ولولا البينُ ما طابَ التلاقي لمّا توجّه الصدِّيقُ بقميصِه إلى يعقوب ﵉ القوهُ وهو يدور في البيت ويقول: (إنِّي لأَجِدُ ريحَ يُوسفَ لولا أَنْ تُفَنّدونِ) وقد اشتمَّ رائحته من مائة وأربعين فرسخًا. نسيمٌ بدا من عطر قربك هاجني ... إليكَ فهاج القلبَ والجسمُ حاضرُ فإنْ غَنّت الأطيارُ اطرقتُ نَحْوها ... وإن هَبَّت الأرياح فالطرفُ ناظرُ قيل: لمّا جاء البشيرُ بالقميص ودفعه إلى يعقوب ﵇ شَمَ رائحته ووضعه على وجهه فارتدَ بصيرًا. إذا ذُكِرَتْ ارضُ " العقيق " و" نُعمانُ " ... تَهيج بقلب المدنف الصَبِّ نيرانُ وإن لاح برق " بالغوير " يهيجني ... إلى البان واحزني وأَنّى ليَ البانُ احنّ إلى سكّان " لَعْلَعَ لما واللِّوى ... وهم في فؤادي والحشاشة سُكّانُ ولي إن سرى الركبُ اليماني أنَّةٌ ... تدلُّ على أَنْ في فؤادِيَ اشجانُ وإنْ مَرَّ بي ركبُ " العذيب " حسبتني ... كأنِّيَ من خمر الصبابة نشوانُ أَحِنُّ إلى تلك الديار تَشَؤُقاَ ... لأنَّ بها أحباب قلبيَ قُطانُ ومن عجبي اهوى ديار أَحِبَّتي ... وسُكانُها في ربع قلبيَ سُكّانُ إذا هَبّ نسيمُ نجد تحرّك المشتاق بالوجدْ إذا الريحُ من أرض الحبيب تنَسَّمَتْ ... وجدتُ لمجراها على كبدي بَرْدا على كَبِدٍ قد كاد يحرقُها الجوى ... تذوبُ وبعضُ القوم يحسبني جَلْدا

1 / 3

إخواني! تأهبوا ليومٍ تترادف فيه العَبَرات، وتعظم. الحَسَرات، فَيعضُ الظالم على يديه ويقول: يا حسرتا يوم يقول لك أين من أرضيتَ عنك بغضبي عليك، ابن آدم أين من كنتَ تَزَيَّنْتَ له وبالقبيح بارزتني، ما هذا التذلل بين يديّ وقد كنت جبّارًا عنيداَ، طالما ذُكرْتَ بموقفكَ هذا فتناسيتَ، وطالما بُصِّرْتَ بأمركَ هذا فتعاميتَ، ولم تزدد إلاّ فراراَ، يا حسرةَ العاصين، يا ذُلّ مقام المتجبرين، واخيبة المضطرين، واخسارة المُسرِفينْ. أهلَ الغرام تجمَعُوا ... اليوم يومُ عتابنا نَعَقَ الغرابُ بِبَيْننا ... فَغُرابُنا أغرى بنا إنّ الذين نُحبُّهم ... قد وُكِّلوا بعذابنا قوموا بنا بحياتكم ... نمشيَ إلى أحبابنا قومٌ إذا ظفروا بنا ... جادوا بعتق رقابنا إخواني! لو رأيتموهم في الدجى بين الخوف والرجاء، تائبهم يقول: اعفُ عنّي وأقلني عثرتي، ومتعبِّدهم يتململ: تُريدينَ إدراكَ المعالي رَخِيصةً ... ولا بُدَّ دونَ الشَهْدِ من إبرِ النَّحْلِ وباكيهم يستغيث " قَصُرَتْ دموعي عن مَدى حُزني " ومحبُّهم يترنم: " وَهَبْتُ السُلوَّ لمن لامني " ومشتاقُهم يزمزم: " وعلِّلاني بحديث حاجر " ومتململهم يهتف: " شجوي كشجوي يا حمامُ ساعدي " ومنبسطهم يقول: " أنتِ النعيم لقلبي والشقاءُ له " والمُدِلّ يتكلم: " لا تَبْرِ عودًا أنتَ ريشتُه " إلى متى تشرُدُ عن مؤلِّفك، يسترك وتعصي، ويقَرِّبُكَ وأنت لنفسك تُقصي. " لحا اللهُ من لا ينفع الوُدُ عند " يا عبدَ شهوته، يا قتيل غفلته، يا أسير بَطالته (أأربابٌ متفرقون خيرٌ أم الله الواحد القهّار) لقد حدثت من لا يعرف، وعذلتُ من لا يسمع، وزجرتُ من لا يقبل، ومتى اتهم الترجمان فالأولى له السكوتْ اجلس ساعةَ في بيت الفكر وصِحْ على نفسك بصوت اللوم أما أتعبتَ الرواحل في أسفار الجهالة، أمّا أخذ الفراقُ حظّه من يعقوب، أأبقى السقام موضعاَ في جسم أيّوب، فإذا سجنّ الليل فعلق على قطار المتهجدين، وزاحم زمرة المستغفرين، فإن هتف لسانُ العتاب اطلتَ الغيبة عَنّا فَقل بلسان التذلل: ما كنتُ أعرفُ ما مقدار وصلكُمْ ... حتى هجرتَ وبعضُ الهجر تأديبُ ثم أرسل منشدُ البكاءِ فَسُمع القيولُ يستطيب تلك النغمة وليكن في بسيط الغناء: مضى زمنٌ والناسُ يَسْتَشْفِعُونَ بي ... فهل لي إلِى ليلى الغداةَ شفيعُ. واجعل في الثقيل: فَلَيْتَكَ تَخلُو والحياةُ مريرةُ ... ولَيْتَكَ تَرّضَى والأَنامُ غِضابُ وليتَ الَذي بيني وبَيْنَكَ عامرٌ ... وبَيْني وبينَ العالمين خَرابُ وأنشد متململًا: قُلْ للمدامع بعد الحيِّ تنسكبُ ... فذاك أَيْسَرُ ما في حُبِّهم يَجِبُ اُحِبُّ باناتِ " سَلْع " والمقيم بها ... وفي فؤاديَ من هجرانهم لَهَبُ غبتم فما سَرَّني من بَعْدِ فُرقتكم ... شيٌ ولا طاب لي من بعدكم طَرَبُ لا تعجبوا من مماتي بعد بينهمُ ... شوقًا فإنّ حياتي بعدهم عَجَبُ هم أهل ودَي وإن صدوا وإن هجروا ... وغايتي إن رضوا عنّي وانْ غضبوا دَعْهُم يجوروا فما للصَّبَ من أَحَدٍ ... يُنجيه منهم إليه منهمُ الهَربُ فهم أحبة قلبي لا عدمتُهُمُ ... ما دمتُ حَيًّا وإن بانوا وإن قربوا وكان لي سَبَبٌ أرجو الصلات به ... فانقضى حين ولّوا ذلك السَّبَبُ يا ساكني " رامةً " ما إنْ ذكرتكمُ ... إلاّ جَرَتْ أدمعي في الخَدِّ تنسكبُ وبعدُ: فابك بكاء مهجور، ونُحْ نواح مأسور، وقل: " تلذّ عيني وقلبي منكَ في أَلمِ ". فإن لم تَرَ للقبول أثرًا فَصِحْ في الوادي: تلك نجد فأين سُكّانُ نجدٍ ... أترى يعرفون بعدي بعهدي أم نسوني إذ فارلموني ملالًا ... وإبلائي أنا المُعَنّى بوجدي هيَ لي قِبْلَة فلاتمنعوني ... أنْ أؤدي فيها فريضةَ وردي

1 / 4

وأداوي داء الغرام بلثمي ... تُرْبَها فهي لي عبيري وندي حَدَّثَ الدمعُ عن جفوني فقالوا ... من روى عنه مُسندًا قلتُ: خَدِّي واجازتنيَ الصبابةُ حتى ... صرتُ أفتي في مذهب العشق وحدي أترى يسمح الزمان بوصلٍ ... فأراهم من قبل اسكنُ لحدي يا من عليه صورة التعبد وليس عليه وجدان العبادة. وقد يَتَزَتا بالهوى غيرُ أهلِه مثلُكَ لا يصلح للمحبة، أنت يأسرك حُبُ حَثه، لا يشتم ريحَ نجدٍ إلاّ أعرابي، كيف يصلح في شرع المِحبة نومٌ بعد ترغيب، هل من سائلٍ فأعطيه: يا مَنْ لحشا المحبَ بالشوق حَشا ... ذا سِرُّ سُراك في الدجى فكيف فَشا هذا المولى إلى المماليك مشى ... لا كان عشاءَ أؤرَثَ القلبَ عشا وا توبيخ كذب من ادّعى محبتي فإذا جَنَهُ الليلُ نام عني. فقلتُ لها: بَخِلْتِ عليَّ يقظَى ... فَجُودي في المنام لِمُسْتَهامِ فقالت لي: وَصِرْتَ تنامُ أيضًا ... وَتطمَعُ أن تراني في المنام؟! لولا مكابدة السَهَر لم يَقلَّ المجتهد: سَلُوا الليلَ عنّي مُذ تناءتْ دياركُم ... هل اكتحلتْ بالغمضِ لي فيه أجفانُ إنْ لم يكن لك مركبٌ فاجلس على دكة الاستغفار عساك تُدركُ عسكرَ الليل قبل العتمة فيسهم لك مع القوم. تعرَّض نسيماَ هَبَ من أرض " نُعمانِ " ... لِيَحيا به ما مات من قلب هيمانِ وقِف عن يمين الدوح من جانب الحمى ... وقوف ذليل مدنفٍ نائمِ عاني ونادِ سلام الله يا بانة الحمى ... عليك ومن لي بالسلام على البانِ يا من عاملناه مدة ثم قطع، وسار في محجة مجتناي ثم رجع: رعى اللهُ الديارَ " بذاتِ سَلْعٍ " ... فكم من معهدٍ فيها ومغنى واحسرتا! كيف قُرِّبوا وأبعِدْنا،. وا أسفاَ كيف دنوا وطُردنا، أين لَذَعات الوجد؟ أينَ حرقات الفراق؟ أين تلهف الزفرات؟ أين شدة الحسرات؟. ألا يا نسيم الريح من أرض بابلٍ ... تحمّل إلى أهل الحبيب سلامي وإنّي لأهوى أن أكون بأرضهم ... على أنّني منها استفدتُ غرامي؟ ! إذا رَمِدَتْ عيني تداويت منكمُ ... بلفظة حسًّ أو بسمع كلامِ وانْ لم أجد ماءَ تَيَمَمْتُ باسمكم ... فَصَلَّيْتُ فرضي والديارُ أمامي استعملت زوجة محمد بن واسع لبَدًا تجري عليها دموعه، لأنّ الدموع كانت أكلت، خدّيه حتى بدت أضراسُهْ إذا رأيتم باكيًا فارحموه، واذا شاهدتم واجدًا فاعذروه، فإنه قد وجد ما لم تجدوهْ. مالي سوى قلبي وفيكَ أَذَبْتُهُ ... مالي سوى دمعي وفيك بكيتُهُ ما كنتُ أعرفُ ما الغرام ولا الأَسى ... والشوق والتبريح حتى ذُقْتُهُ لو أنّ عندي والدموعُ سواجمٌ ... رمل القفار من الدموع بللتُه اجتاز رجلٌ صالح بدار صالح المُريّ، فسالَ عليه ماء من ميزاب، فتوقف الرجل يسأل عن الماء، فخرجت إليه الجارية فقال لها: طاهر أم غير طاهر؟ فبكت وقالت يا سيّدي هذه دموع صالح المُريّ. هاكُمُ قلبي فإن لم يرضكم ... ففؤادي جهدُ ما يمكنني يا حمامات اللوى نوحي معي ... يا غرابَ البين ابكِ شجني إخواني! ما أشَدَ الفراق، متى يكون التلاق؟ ! غرابَ البين صِحْ بالقرب صَوْتًا ... كما قد صِحْتَ ويحك بالبعادِ تُنادي بالتفرق كل يومٍ ... فما لكَ بالتقرُّب لا تُنادي رُوي أنّ طاووساَ ورد على ماء، وكان الماءُ من دموع آدم ﵇، فلمّا دخل الطاووس فيه اسودّت رجلاه، فصاح صيحةً عظيمةً وقال: هذه دموع من عصى مولاه، فقال آدم ﵇: إلهي ومولاي هذه الأطيار تعيّرني في هذه الدارْ شعر في المعنىَ: لا عُدْتُ أركبُ ما قد كنتُ أركبُه ... جُهدي فَخُذْ بيدي يا خير من رَحِما هذا مُقام ظلومٍ خائفٍ وَجِلٍ ... لم يظلم الناسَ لكن نفسه ظَلَما

1 / 5

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.