قال الشهرستاني «2» وقرره بأن قال: الايمان عبارة عن خصال خير، إذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا، وهو اسم مدح، والفاسق لم يستجمع خصال الخير، فلا يستحق اسم المدح، فلا يسمى مؤمنا، وليس هو بكافر أيضا لأن الشهادة وبعض اعمال الخير موجودة فيه لا وجه لانكاره، ولكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة، من غير توبة، فهو من أهل النار خالدا فيها، إذ ليس فى الآخرة إلا الفريقين: فريق فى الجنة وفريق فى السعير، لكنه يخفف عليه العذاب، وتكون دركته فوق دركة الكفار. وتابعة على ذلك عمرو بن عبيد «3»، بعد أن كان موافقا له فى العدل، وانكار المعاني فى صفات الله تعالى، ومن ثم، قلنا: «وسموا بذلك منذ اعتزل واصل، وعمرو بن عبيد، حلقة الحسن»، وقيل لقول قتادة- وكان من أصحاب الحسن-: «ما يصنع المعتزلة؟»، فكان تسميتهم بهذا الاسم.
روي عن عثمان الطويل «1». قال: لقيت قتادة فقال: ما حبسك عنا؟ لعل هؤلاء المعتزلة، حبستك عنا. قلت نعم!، حديث رويته أنت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ما هو؟ قال: رويت أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
«ستفترق أمتي على فرق، خيرها وأبرها المعتزلة». وقيل: سموا بذلك، لرجوع عمرو بن عبيد، الى قول واصل في الفاسق، وخالف الحسن.
ذلك أنه لما خالف واصل، أقوال أهل زمانه، في الفاسق، واعتزلها كلها، واقتصر على المجمع عليه، وهو تسميته فاسقا، ورجع عمرو بن عبيد الى قوله، بعد مناظرة وقعت بينهما، سمى وأصحابه معتزله، لاعتزالهم كل الأقوال المحدثة.
والمجبرة «2» تزعم، أن المعتزلة، لما خالفوا الاجماع في ذلك، سموا معتزلة، قلت: لم يخالفوا الاجماع، بل عملوا بالمجمع عليه، في الصدر الأول، ورفضوا المحدثات المبتدعة.
وأما أصل المجبرة، فقد بينا فيما سبق أن مذهبهم انما حدث في
دولة معاوية وملوك بنى مروان، فهو حادث مستند الى من لا ترضى طريقته، وسيأتي ما ورد عن أفاضل الصحابة في رده، فكيف يستند إليهم.
[سند مذهب المعتزلة]
مخ ۹