وكان مع علمه حسن التواضع، وسأله بعض المجبرة: «ما الدليل على وعيد أهل الصلاة؟» قال: «الحدود والأحكام». قال الخالدي: «فان النائب يحد». قال أبو علي: «ذلك امتحان»، فسكت الخالدي.
وسأل البركاني أبا علي فقال: «ما تقول في حديث أبي الزياد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها»؟ «1» فقال أبو علي: «هو صحيح». قال البركاني: «فبهذا الاسناد نقل حديث «حج آدم موسى». فقال أبو علي: «هذا الخبر باطل». فقال البركاني : حديثان باسناد واحد، صححت أحدهما، وأبطلت الأخر». قال أبو علي: «لأن القرآن يدل على بطلانه، واجماع المسلمين، ودليل العقل».
فقال: «كيف ذلك؟» قال أبو علي: «أليس في الحديث أن موسى لقي آدم في الجنة، فقال يا آدم: أنت أبو البشر خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، أفعصيته؟ فقال آدم: يا موسى! أترى هذه المعصية فعلتها أنا، أم كتبها الله علي، قبل أن اخلق بألفي عام؟» قال موسى: «بل شيء كان كتب عليك». قال: «فكيف تلومني على شيء كان قد كتب علي؟» قال: «فحج آدم موسى». «2» قال أبو علي للبركاني: «أليس هو الحديث هكذا؟» قال: «بلى» قال أبو علي: أليس إذا كان عذرا لآدم، يكون عذرا لكل كافر وعاصي من ذريته؟ وأن يكون من لامهم ممجوجا؟» فسكت البركاني. قلت: «ولعله يحمل الحديث الذي قطع ببطلانه، وان كان راويه عدلا، على أنه حذف في سنده أول الرواة ارسالا أو تدليسا، كما في كثير من الأخبار، وهو غير عدل، وان ظن عدالته الراوي عنه، فلا يقدح رواية الخبر في عدالة المذكورين، إذا الخلل إنما جاء من جهة الراوى المحذوف اسمه والإرسال مع ظن العدالة جائز».
مخ ۶۹