«ليس بيني وبين الحق عداوة»، فقبله وانصرف ويده في يد واصل. وكان يقول: «اللهم أغنني بالافتقار أليك». وقيل قال: «يا أبا عثمان .. لم استحق مرتكب الكبائر اسم النفاق؟» قال: لقوله تعالى «والذين يرمون المحصنات «1»» إلى قوله «وأولئك هم الفاسقون». ثم قال: إن المنافقين هم الفاسقون، فكان كل فاسق منافقا، إذ كان الألف واللام، موجودين في باب الفسق. فقال واصل: أليس الله تعالى قال «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون» «2»، وقد قال تعالى في آية أخرى «والكافرون هم الظالمون «3»، فعرف بالألف واللام كما فى القاذف، فسكت عمرو، ثم قال واصل: «ألست تزعم أن الفاسق يعرف الله؟ ... » وذكر ما قدمنا ... الى آخره على ما روينا، ثم قال: «يا أبا عثمان أيما أولى أن يستعمل من أسماء المحدثين، ما اتفقت عليه الفرق من أهل القبلة، أم ما اختلفت فيه؟» فقال عمرو: «بل ما اتفقت عليه». فقال: «أفليس تجد أهل الفرق- على اختلافهم- يسمون صاحب الكبيرة فاسقا، ويختلفون فيما عداه من أسمائه، فالخوارج تسميه كافرا وفاسقا، والمرجئة تسميه مؤمنا فاسقا، والشيعة تسميه كافر نعمة فاسقا، والحسن يسميه منافقا، فأجمعوا على تسميته بالفسق، فنأخذ بالمتفق عليه، ولا نسميه بالمختلف فيه، فهو أشبه بأهل الدين. فقال عمرو:
«وما بينى وبين الحق من عداوة، والقول قولك، وأشهد من حضر، أنى تارك ما كنت عليه من المذهب، قائل بقول أبي حذيفة». فاستحسن الناس ذلك من عمرو، إذ رجع عن قول كان عليه، الى قول آخر، من غير شغب، واستدلوا بذلك على ديانته.
قال الشريف المرتضى: «ما أورده واصل لعمرو غير لازم له، لأن عمروا كان يسميه فاسقا، وإنما كان عليه أن يبين، هل يسمى بغير ذلك أم لا؟».
قال الحاكم، «وهذا اعتراض فاسد، لأن واصلا ألزمه في مسألة القذف كما ذكرنا، ثم جعل هذا تأكيدا، بأن هذا القول مجمع عليه، وما عداه مختلف فيه، ولم يقم عليه حجة، ولو جعل ذلك ابتداء دليل، لم يصح». قلت:
مخ ۴۰