فهذه هي شروط لا إله إلا الله، وليس المراد منها عد ألفاظها وحفظها فقط، فكم من عامي اجتمعت فيه والتزمها ولو قيل له: اعددها لم يحسن ذلك، وكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم، وتراه يقع كثيرا فيما يناقضها، فالمطلوب إذا العلم والعمل معا ليكون المرء بذلك من أهل لا إله إلا الله صدقا، ومن أهل كلمة التوحيد حقا، والموفق لذلك والمعين هو الله وحده.
المطلب الرابع: نواقض شهادة أن لا إله إلا الله
لقد مر معنا شروط كلمة التوحيد لا إله إلا الله التي لا بد من توفرها في العبد لتكون مقبولة منه عند الله، وهي شروط عظيمة الشأن، جليلة القدر يجب على كل مسلم أن يعنى بها عناية كبيرة، ويهتم بها اهتماما بالغا، وإن مما ينبغي أن يهتم به المسلم في هذا الباب العظيم معرفة نواقض هذه الكلمة ليكون منها على حذر، فإن الله - تبارك وتعالى - قد بين في كتابه سبيل المؤمنين المحققين لهذه الكلمة مفصلة، وبين سبيل المجرمين المخالفين لها مفصلة، وبين سبحانه عاقبة هؤلاء وعاقبة هؤلاء، وأعمال هؤلاء وأعمال هؤلاء، والأسباب التي وفق بها هؤلاء والأسباب التي خذل بها هؤلاء، وجلا - سبحانه - الأمرين في كتابه وكشفهما وأوضحهما وبينهما غاية البيان، كما قال سبحانه: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين} ، وقال سبحانه: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسآءت مصيرا} (1) ومن لم يعرف سبيل المجرمين ولم تستبن له طريقهم أوشك أن يقع في بعض ما هم فيه من الباطل، ولذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية".
مخ ۲۱۵