وبعد؛ فإن للعرب ألفاظا نطقوا بها بالبناء للمجهول، وإن كانت بمعنى الفاعل لا المفعول، فتارة لا يعبرون عن معنى تلك الألفاظ إلا بهذا [البناء] المذكور، وتارة يعبرون عنه بهذا البناء وبغيره، ويكون أحدهما هو المشهور، ولم أعلم أحدا تصدى لجمع هذه الألفاظ من السلف والخلف، ولا أفرد لها مؤلفا يعتمد عليه من وقف، غير أن في ((فصيح)) ثعلب في باب فعل بضم الفاء نحوا من أربعين لفظا لم يتعرض فيها لضبط عين الكلمة؛ وإن أفاد ذلك لخطأ، وكثير ممن يتلفظ بشيء منها لا ينطق به على البنية التي نطق بها العرب، بل يحيد عنها.
فلما رأيت الناس يخبطون فيها خبط عشوى، ولا يهتدون إلى النطق بها على الصواب في النجوى، وكان العلامة الكمال الدميري - تغمده الله برحمته - ذكر ألفاظا منها في باب الحيض من منظومته، لكنه لم يضبطها؛ فصحفها النساخ؛ حتى خرجت عن معناها، وخفي على المطالع فيها مبناها.
مخ ۱۹۲