============================================================
والأمم الخالية، وكيف طحنهم البلا، وصاروا تحت الثرى، ويقوم يخطبهم فيعظ الناس، ويذكرهم صرعة الموت، وحسرة القوت، فيبكي القوم ويتوبون من المظالم، ويكثرون الصدقة، ويخرجون من التبعات، ويصلحون على ذلك قال[74/ب] مالك بن أنس رضي الله عنه: بلغني أن ملكا من ملوك بي إسرائيل ركب في زي عظيم فتشوف له الناس ينظرون إليه أفواجا حتى مر برجل يعمل شيئا مكبا عليه لا يلتفت إليه ، ولا يرفع رأسه.
فوقف الملك عليه وقال: كل الناس ينظرون لي إلا أنت؟
فقال الرجل: إني رأيت(1) ملكا مثلك وكان على هذه، فمات هو ومسكين ودفن إلى جنبه في يوم واحد وكنا نعرفهما في الدنيا بأجسادهما، ثم كنا نعرفهما بقبريهما، ثم نسفت الريح قبريهما وكشفت عنهما، فاختلطت عظامهما، فلم أعرف الملك من المسكين.
لذلك أقبلت على عملي وتركت النظر إليك.
وروي: أن داود عليه السلام بينا هو يسبح في الجبال إذ أوفى على غار فظر فإذا فيه رجل خلق عظيم من بني آدم وإذا عند رأسه مكتوب بكتابة حفور فيه: أنا دوستم الملك ملكت ألف عام وفتحت ألف مدينة، وهزمت الف جيش وافترعت ألف بكر من بنات الملوك، ثم صرت إلى ما ترى، فصار التراب فراشي والحجر وسادي، فمن رآني فلا تغره الدنيا كما غرتي.
وقال الله عز وجل: {وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم) (1).
فبينا الإنسان في أمر وفهى وغرة وكبر ومخالفة، واتباع هوى قد غرته الدنيا وخدعته الآمال إذ وثب عليه ليث [75/أ] العرين، ففرق بينه وبين (1) تكررت الكلمة في المخطوط، فحذفت التكرار.
(2) سورة الأعراف (الآية: 185) .
مخ ۲۰۸