352

قوامها في الخارج. وأجزاء القوام كما عملت في مواضع أخرى هي قسمان : جزء به يكون الشيء هو ما هو بالفعل كالصورة ، وجزء به يكون الشيء هو ما هو بالقوة كالموضوع ؛ ولا شك فيما نحن فيه أن البدن أي جسم تلك الأشياء من قبيل الثاني ، فلو كان النفس أيضا من هذا القبيل ، للزم أن لا يكون يتم الحيوان والنبات حيوانا ونباتا بالبدن ، وهو ظاهر ، ولا بالنفس ، لكون المفروض حينئذ كونها مثل البدن في كون الشيء به هو ما هو بالقوة. وحيث كان المفروض تمامية وجودهما نباتا وحيوانا بالفعل بهذين الجزءين ، أي البدن وما سميناه نفسا ، ولم يكن جزء آخر سواهما ، فبقي أن يكون النفس من قبيل القسم الأول ، أي جزء منهما به هما يكونان بالفعل ، ولا يكون جسما وهو المطلوب.

وأيضا لو لم يتم وجود النبات والحيوان نباتا وحيوانا بالفعل بالبدن ولا بالنفس ، فيحتاج إلى كمال آخر به يتم ويكمل وجودها بالفعل ، وهو المبدأ بالفعل ، لما ذكرنا من الأفاعيل ، وذلك هو النفس ، وهو الذي كلامنا فيه. فإنا لا نعني بالنفس إلا ذلك المبدأ. ولا شك أنه لا يمكن أن يكون ذلك الجسم الذي سميناه بدنا ، فإن لم يكن هو النفس أيضا ، بل كان غيرهما ، فإن كان جسما آخر من حيث هو جسم ، فالجسم حاله كما ذكر من أنه لا يمكن أن يكون بجسميته المطلقة التي يكون بها الشيء بالقوة مبدأ لما ذكر وكمالا لهما ، وإن كان جسما بصورة ما وكمال ما ، يكون به الشيء بالفعل ، فلا يكون هذا الجسم أيضا من حيث هو جسم ذلك المبدأ وذلك الكمال ، بل يكون كونه مبدأ أو كمالا من جهة تلك الصورة ، ويكون صدور تلك الأحوال والأفاعيل عن تلك الصورة بذاتها ، وإن كان بتوسط هذا الجسم الثاني ؛ فيكون المبدأ الأول لتلك الأحوال والأفاعيل في النبات والحيوان تلك الصورة المفروضة ثانيا ، ويكون أول فعله بوساطة هذا الجسم ، ويكون هذا الجسم جزءا من جسم الحيوان ؛ لكنه أول جزء يتعلق به المبدأ ، وليس هو بما هو جسم إلا من جهة كونه موضوعا لتلك الصورة التي هي المبدأ حقيقة لتلك الأحوال ، وهي الجزء الذي يكون به الحيوان والنبات تماما بالفعل.

فتبين من ذلك أن النفس ليس بجسم ، سواء كان الجسم هو الجسم المفروض أولا

مخ ۲۴