323

المادة القابلة زيادة استعداد لقبول الوجود ، على ما هو شأن سائر القوابل ، بناء على اكتساب ملكة الاتصاف بالفعل. حيث إن المقبول إذا حصل للقابل مرة ، يصير القابل أقبل له ، واتصافه به أسهل ، فإذا اتصف مرة اخرى ، صار أشد قبولا له ، حتى يصير ملكة ، وهذا ظاهر ، وأن يصير قابليتها للوجود ثانيا أقرب وإعادتها على الفاعل أهون.

قلت : فعلى هذا يجوز أن يعود جميع الصفات والخواص والحالات الحاصلة مع الوجود الأول ثانيا ، حتى الزمان ، وإن لم نقل بكونه مشخصا فيعود حينئذ جميع المفاسد التي ذكرت سابقا على تقدير عود الزمان ؛ فتذكر.

وأيضا القابل إنما يزداد في الاستعداد بتكرر القبول ، إذا كانت الهوية القابلة باقية بعد عدم المقبول الأول. وأما إذا انتفت الهوية بعد المقبول الأول ، حيث إن المفروض هنا انتفاء الهوية أي ذات الممكن في الخارج بعد ما وجد أولا أو انتفت بانتفاء المقبول ، حيث إنك قد عرفت أن اختلاف الوجود يستلزم اختلاف الذات ، وأنه بانتفائه ينتفي الذات. فلا يتحقق حينئذ هنا أصل استعداد فضلا عن زيادة استعداد ، فإن الاستعداد لكونه أمرا وجوديا يفتقر إلى محل يقوم به ، وإذ ليس فليس. نعم ربما يمكن تصحيح ما ذكره على مذهب المعتزلة القائلة بثبوت المعدومات وهذا المذهب مع كونه باطلا في نفسه كما تقرر في موضعه لم يذهب هو إليه.

وأما بيان الثاني أي بيان منع التالي في الشرطية الثانية ، أنه على تقدير عدم إفادة الوجود الأول زيادة استعداد للثاني كيف علم بالضرورة أن الماهية لا تنقص حينئذ أصلا عما هي عليه بالذات من قابلية الوجود في جميع الأوقات. وهل النزاع إلا فيه ، حيث إن المانع لم يدع إلا أن طريان العدم يجوز أن يكون مانعا عن قبول الماهية للوجود ثانيا يعني أنه يمكن أن يمتنع اتصافها بالوجود المسبوق بالعدم وإن لم يمتنع اتصافها بالوجود المطلق غير المقيد بهذا القيد ، أو أنه يمكن أن يمتنع اتصاف الماهية الموصوفة بطريان العدم عليها بالوجود مطلقا ، وإن لم يمتنع اتصاف الماهية غير الموصوفة بهذا الوصف به.

والحاصل أن ذلك محل النزاع ، فكيف يدعي الضرورة فيه؟!

وأيضا إن أراد بقابلية الوجود في جميع الأوقات معنى يكون فيه جميع الأوقات ظرفا

مخ ۳۷۲