245

فحينئذ يلزم أن يكون العدم متخللا بين الشيء ونفسه أي بين الموجود الأول ونفسه ، وكذا بين الوجود أولا ونفسه ، وهذا محال ، لأن تخلل شيء إنما يتصور بين شيئين لا بين شيء واحد.

مضافا إلى أنه لا يتصور تخلل نقيض شيء كالعدم بين شيء ونفسه كالوجود.

وأيضا يلزم منه أن يكون شيء واحد أي العدم سابقا على شيء واحد ، أي ذلك الموجود أو وجوده ، وكذا مسبوقا أيضا بذلك الشيء سابقية ومسبوقية بالزمان.

ويلزم أيضا منه سبق ذلك الشيء على نفسه بالزمان. إذ السابق على السابق على شيء سابق عليه ، وكذا المسبوق بالمسبوق به مسبوق به ، وكل ذلك ممتنع ، ولزومه على تقدير الفرض المذكور ظاهر بأدنى تأمل.

وقد ذكر الشارح القوشجى في هذا الدليل كلاما بهذه العبارة : «ولو اعيد لتخلل العدم بين الشيء ونفسه إذ المفروض أن المعاد هو المبتدأ بعينه ، وتخلل شيء إنما يتصور بين شيئين.

والجواب أنه لا معنى لتخلل العدم هنا سوى أنه كان موجودا في زمان ، ثم زال عنه ذلك الوجود في زمان آخر ، ثم اتصف به في زمان ثالث ، ومن هذا تبين أن التخلل بحسب الحقيقة إنما هو لزمان العدم بين زماني وجوده بعينه.

وأيضا لم لا يجوز التميز بين الحالين بعوارض غير مشخصة مع بقاء العوارض المشخصة بحالها في الحالين ، فلا يلزم تخلل العدم بين الشيء الواحد من جميع الوجوه.

وأيضا لو تم هذا الدليل لدل على امتناع بقاء شخص من الأشخاص زمانا ، وإلا لزم تخلل الزمان بين الشيء ونفسه ، لوجود ذلك الشخص في طرفي زمان البقاء. انتهى كلامه.» (1)

وأقول : لا يخفى على المتأمل أن ما أورده عليه غير وارد أصلا.

أما ما أورده أولا فلأن ما ذكره من معنى تخلل العدم لا يجديه نفعا أصلا ، لأنه لا خفاء في أن زمان العدم الذي فرض وقوع العدم فيه إذا كان متخللا بين زماني وجوده بعينه اللذين فرض وقوع الوجودين أي الوجود الواحد بعينه فيها لصدق حينئذ تخلل العدم

مخ ۲۹۴