في بيان حال الماديات من الموجودات
وبقي بعد ، بيان حال الموجودات المادية من جملة أجزاء العالم ، سواء كانت أجساما أو صورا أو أعراضا ، وسواء كانت من جملة الكائنات الفاسدات ، أم غيرها ، فلنتكلم في ذلك.
فنقول : إن الكائنات الفاسدات منها سواء كانت اجساما أو صورا أو أعراضا ، لا يخفى أن طريان الفساد والزوال عليها من جهة ذواتها ممكن ، بل واقع ، كما يدل عليه المشاهدة والعيان.
وبالجملة لا ينكره أحد ، ووجهه أن موادها لكونها قابلة لكلا الضدين ، يمكن أن تستعد لكون صورة أو هيئة فيها فتتكون هي فيها ثم تستعد لفساد تلك الصورة أو تلك الهيئة ، ولطروء ضدها عليها فتفسد هي ، وقد يفسد بذلك الجسم أيضا لفساد جزئه أي صورته ، وأما تلك المواد ، فلعدم كونها قابلة لفساد نفسها فلا يطرأ عليها الفساد ، بل هي باقية في الحالين ، فلذلك لا ينعدم ذلك الجسم بالمرة ، وقد مر بيان ذلك كله فيما سبق.
وأما غير الكائنات الفاسدات منها كالأفلاك وما فيها من النجوم والكواكب والكرات ، فهي وإن كانت مما زعمت الفلاسفة بقاءها وأبديتها وعدم إمكان طروء الفساد عليها ، ولكنها عند العقل مما لا مانع من طروء ذلك عليها ، لا من جهة ذواتها ، ولا من جهة غيرها ، فإنها حيث كانت ممكنة بالذات ، يتساوى وجودها وعدمها بالنظر إلى ذواتها ، كما لا مانع من وجودها لا مانع عند العقل من امكان فنائها ، وانعدام صورها عن موادها ، بل من انعدام موادها أيضا وانعدامها بالمرة.
وكذلك هي حيث كانت مركبة من مادة وصورة ، كالكائنات الفاسدات ، لا مانع عند
مخ ۲۳۳