176

مصطلحا لحدوث النفس.

والجواب عنه ما ذكرناه سابقا.

ثم إنه رحمه الله قد زاد في البيان فقال : فإن قيل : لم استوجب استيجاب البدن لحدوث صورة ما حدوث مبدأ لتلك الصورة ، ولم يوجب استيجابه لفساد تلك الصورة ، فساد مبدأ ذلك ، وما الفرق بين الأمرين؟

قلنا : لأن ما يقتضي حدوث معلول ما فإنما يقتضي وجود جميع علل ذلك المعلول بشرائطها ، وما يقتضي فساد معلول لا يقتضي فساد العلل ، بل يكفيه شرط ما ولو كان عدميا ، وشرحه واضح. وكأن غرضه رحمه الله من ذلك أنه كما لا يمكن أن يكون البدن علة حاملة لإمكان فساد النفس ، كذلك لا يمكن أن يكون فساد الصورة الإنسانية التي هي معلولة للنفس منشأ لفساد النفس التي هي علتها ، حيث إن وجود المعلول وإن كان يتوقف على وجود جميع علله بشرائطها ، لكن انعدام المعلول لا يستلزم انعدام جميع علله ، بل يكفي فيه انعدام شرط ما ولو كان عدميا.

فبذلك يمكن انعدام تلك الصورة مع بقاء مبدئها القريب ، أي النفس. مع أن وجود النفس وبقاءها مستندان إلى العلل التي هي باقية. فبذلك تم الجواب عن الاعتراض ، واتضح كمال الاتضاح ، وظهر أن فساد البدن لا يمكن أن يكون منشأ لفساد النفس ، مع أنه اتضح بدليل آخر كما سبق ذكره ، أنه لا يمكن أن يطرأ عليها الفساد من جهة ذاتها أو من جهة اخرى ، فثبت المقصود ، وهو امتناع طريان الفساد على النفس الإنسانية مطلقا ، وهذا الذي ذكرناه هو غاية توجيه كلام المحقق الطوسي رحمه الله والله تعالى أعلم.

في التكلم فيما قاله صدر الأفاضل من الجواب عن الاعتراض

وحيث انتهى الكلام إلى هذا المقام فلنتكلم فيما قاله صدر الأفاضل من الأجوبة عن الاعتراض كما نقلنا كلامه سابقا ، فنقول : إنه مما يلوح عليه آثار الإجمال والإهمال ، وعلى تقدير كونه متضمنا لتحقيق الحال ودفع الإعضال فهو مما يعسر علينا دركه ، حيث إن ما ذكره في جوابه الأول الذي قال : «إنه مما سنح له في سالف الأزمان على طريقة أهل النظر» ، لا يدل إلا على أن النفس الإنسانية ، مجردة من حيث كونها ذاتا عقلية ومادية من

مخ ۲۲۵