للنفس التي فيما بعد تلك المرتبة ، بل الاتفاق واقع على أنها في تلك المراتب أجمع ، ذات واحدة تختلف كمالاتها.
ثم إنه لو كان هذا الإيراد الذي أورده صدر الأفاضل على تقدير وحدة النفس بالذات واردا لكان يرد على نفسه أيضا ، إذ هو أيضا ذهب إليها حيث قال في تلك الرسالة بهذه العبارة :
«الإشراق الثامن في أن لكل إنسان نفسا واحدة.
من الناس من زعم أن فينا نفسا إنسانية ، واخرى حيوانية ، واخرى نباتية ، والجمهور على أن النفس فينا واحدة ، هي الناطقة فقط ولها مشاعر وقوى ، فان لك أن تقول أحسست فغضبت وأدركت فحركت ، فمبدأ الكل أنت ، وأنت نفس شاعرة فكل القوى من لوازم هذه.» (1)
ثم ذكر وجوها اخرى على هذه الوحدة كما يظهر على من راجع كلامه.
وأما قوله : «وإن كان الثاني يلزم عليه ما يلزم به الشارح المتقدم من تفويض أحد الفاعلين الطبيعيين تدبير موضوعه إلى آخر» ، فهو وارد على هذا التقدير أي على تقدير تعدد النفوس بالذات ، حيث إنه يلزم حينئذ تفويض الصورة المنوية التي هي فاعل طبيعي تدبيرها إلى النفس النباتية ، التي هي فاعل طبيعي ، وكذا تفويض النفس النباتية تدبيرها إلى النفس الحيوانية ، وتفويض الفاعل الطبيعي تدبيره إلى آخر ، سواء كان فاعلا طبيعيا أيضا كما في الأول ، أو فاعلا غير طبيعي كما في الثاني ، ممتنع ، على اصولهم ، لأن الطبيعة لا تكون طالبة لأمر وتاركة له ، وكأنه رحمه الله أشعر في كلامه ذلك ، بأن هذا التفويض إنما يلزم على تقدير تعدد النفوس بالذات لا على تقدير وحدتها بالذات ، وتعددها باعتبار القوى والكمالات ، إذ هي على هذا التقدير فاعل واحد ، هو النفس الناطقة المجردة التي هي فاعل إرادي ، وليس هناك تفويض ، بل زيادة كمالها بزيادة استعداداتها ، وبأن المحقق الطوسي حيث أورد هذا الإلزام على الإمام الرازي ينبغي أن يكون نظره إلى تعددها بالذات ، فإنه لو كان نظره إلى وحدتها بالذات لم يرد إلزامه على الإمام حيث إن تفويض نفس الام التي هي واحدة بالذات وهي نفسها الناطقة التي هي فاعلة بالإرادة تدبيرها
مخ ۱۶۹