قلت: قد ذكر المحقق الشوكاني في الكلام على عدالة الإمام واعتبارها بلفظ: لأنه مع عدم تلبسه بالعدالة وخلوه من صفات الورع لا يبالي بزواجر الكتاب والسنة، ولا يبالي أيضا بالناس، لأنه قد صار متوليا عليهم نافذ الأمر والنهي فيهم فليس لأهل الحل والعقد أن يبايعوا من لم يكن عدلا إذا قد اشتهر بذلك، إلا أن يتوب أو يتعذر عليهم العدول إلى غيره، فعليهم أن يأخذوا عليه العمل بأعمال العادلين والسلوك في مسالك المتقين.
ثم إذا لم يثبت على ذلك كان عليهم أمره بما هو معروف ونهيه عما هو منكر ولا يجوز لهم أن يطيعوه في معصية الله، ولا يجوز لهم أيضا الخروج عليه ومحاولته إلى السيف، فإن الأحاديث المتواترة قد دلت على ذلك أوضح من شمس النهار، ومن له اطلاع على ما جاءت به السنة المطهرة انشرح صدره لهذا، فإنه يجتمع شمل الأحاديث الواردة في الطاعة مع ما شهد لها من الآيات القرآنية، وشمل الأدلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشمل الأدلة الواردة في أنه لا طاعة في معصية الله، وهي كثيرة جدا لا يتسع لها إلا مؤلف بسيط.
إلى أن قال في الخارج على الإمام: ((وقد قدمنا أنها تواترت الأحاديث في النهي عن الخروج على أئمة الجور ما لم يظهر منهم الكفر البواح أو تركوا الصلاة، فإذا لم يظهر من الإمام الأول أحد الأمرين لم يجز الخروج عليه، وإن بلغ في الظلم أي مبلغ، لكنه يجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بحسب الاستطاعة وتجب طاعته، إلا في معصية الله عز وجل)). انتهى.
مخ ۱۲۲