منهج په عربي فکر کې
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
ژانرونه
إن طرح المفهوم في الساحة الثقافية العربية بهذا الشكل السلبي يزيد من تعميق المشكل بدل حله، ويوسع دائرة الخلاف بين تيارات الأمة الفكرية، وبالتالي انعدام إمكانية أي حوار بناء ومستقل بينها لتجاوز الوضع المقلوب للمفاهيم، في النسق الفكري والمنهجي للعقل العربي المعاصر.
في السياق ذاته تأتي محاولات طه عبد الرحمن، بعمق فلسفي جديد أخذت طابعا أخلاقيا منطقيا، من خلال مفهوم منهجي، هو مفهوم السياق التداولي للمفاهيم، وشرائط الحوارية النافعة بينها وبين هذا السياق التداولي.
مراجعة كشفت هي الأخرى عن ظاهرة التقليد المنهجي، والمعرفي التي ابتلي بها الفكر العربي المعاصر في علاقته مع المفاهيم الغازية. هو تقليد الفصل بين الدين والقيم الأخلاقية الإسلامية وشئون الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية والعلمية.
وهو ما رصده في متونه النقدية بآليات منهجية معرفية في غاية الدقة المنطقية والواقعية، فصل أضر حسب طه بكثير من المقولات المرتبطة بحياة الإنسان، منها صعوبة تعريف الإنسان ذاته. يقول: «وقد تجلى نسيان العلمانيين لوجود الإنسان غير المرئي في إطلاقهم لمقولات عدة تضافرت على تضييق هذا الوجود، جاعلة الإنسان أشبه بالحيوان الزاحف منه بالحيوان الطائر »
123
حين فصلت بين العالم المرئي وغير المرئي لهذا الإنسان، منتقدا بشدة هذا الفصل حين ظهر له «أن الإنسان محاط بالغيب إحاطة الشهادة به، بل إن إحاطته به فوق إحاطتها؛ وما ذاك إلا أن الإنسان لا تنحصر ذاته في «النفس»، بل تتعدى إلى «الروح»، ولا تنحصر رؤيته في «البصر»؛ فإذا كان يحيا بنفسه في العالم المرئي، فإنه يحيا في العالم الغيبي، لا يني يرتحل من أحدهما إلى الآخر موسعا وجوده؛ وإذا كان يرى ببصره المباني المرئية، فإنه يرى معانيها الغيبية، فلا تنفك تترقى معرفته، وتأتيه بيقين من بعد يقين.»
124
وجاءت جهود طه لإبطال مسلمات دعاة العلمنة في الفكر العربي المعاصر، وبيان قصورها المنهجي، وصعوبة تداولها الثقافي والمعرفي، مهما اجتهد أصحابها في البرهنة، وإيراد الشواهد.
ونقد طه للعلمانية يستوي مع التصور الذي اعتمده المسيري «العلمانية الجزئية» ويسميها بالعلمانية الأدنى، و«العلمانية الشاملة» يسميها بالعلمانية المتصاعدة التي تبلغ حد إنكار العالم غير المرئي «الغيبي»، فيكون المفهوم عند طه قد ضيق الوجود الإنساني، ومنعه من الامتداد في العوالم الأخرى، وهو ما أطلق عليه اسم مسلمة «قصور الوجود الإنساني» في الفكر العلماني، ليس هذا فقط بل أمعن هذا التيار «العلماني» وأوغل في إنجاز فصل ثان (بعد الفصل الأول، بين السياسة والدين) هذه المرة بين الدين والأخلاق واصفا هذا الفصل ببؤس فكري شنيع ابتلي به المقلدة من المفكرين العرب.
ب «ذلك يجنون على عقولهم بما لا يجنيه عليهم عدوهم (...) إذ يضيقون مجال أفكارهم ومسرح خيالاتهم ويقطعون عن أنفسهم أسباب الإبداع والإثراء التي تنطوي عليها مناحي ثقافتهم عند مقابلتها بمناح من ثقافة غيرهم، كما يضيعون فرص الاستقلال بفكرهم والتحرر مما يرد عليهم، بل يستبعدون كليا إمكانات تصرفهم في الوارد عليهم، لا تصحيحا ولا توسيعا ولا توجيها، قانعين بأن يظلوا عيالا على غيرهم من مفكري الحداثة».
ناپیژندل شوی مخ