134

منهج په عربي فکر کې

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

ژانرونه

ولهذا لا اعتبار لمنهجية التعميم التي تحاول فرض نمط حضاري معرفي تشكل في ظروف ذاتية خاصة على تشكيلات حضارية خاصة لها مسار تاريخي معين، وقد فشلت كل محاولات التعميم في العالم العربي الإسلامي؛ لأنها لم تدرك هذه الخصوصيات.

ويجزم المسيري باستحالة تكرار النماذج في سياقات حضارية مختلفة، وتبنيها في توليد نماذجنا المعرفية والحضارية كمسلمة ثابتة، يقول: «يجب أن نعرف أن المشروع الغربي لسد كل الثغرات وللتوصل للقانون العام مشروع مستحيل من الناحيتين المعرفية والعلمية، فمن الناحية المعرفية يفترض هذا النموذج بساطة العقل وبساطة واقع الإنسان الطبيعي والاجتماعي، وبساطة الدال اللغوي، وبساطة المدلول الإنساني، وبساطة العلاقة بينهما، وهو يفترض بيقين كامل متعصب أن رقعة المجهول ستتناقص بالتدريج وستتزايد رقعة المعلوم، وأن تحكم الإنسان في الواقع سيصبح كاملا، وهو افتراض أقل ما يوصف به أنه طفولي سخيف.»

52

فأزمة هذا النموذج أزمة مركبة تنطلق - حسب المسيري - من أنه نموذج «يضمر نزعات عدمية معادية للإنسان، فهو مشروع يصفي ظاهرة الإنسان كظاهرة متميزة في الكون (حتى تصفى كل الثنائيات)، وهو ينكر على الإنسان أي خصوصية، وينكر أن عقله مبدع فعال، ومن ثم ينفي مركزيته في الكون»،

53

فأنشأ نظام التماثل بين الظواهر الإنسانية والمادية الصماء، فلا فرق بين الإنسان عنده واليرقة، كما يقول المسيري.

فسقطت في هذا النموذج المعرفي كل الحدود الإنسانية ومعها كل الهويات، لإنجاز الوحدة المنهجية بين هذه الظواهر، والوصول إلى درجة عالية من اليقينية والشمولية في التفسير، مستبعدة الإنسان كعنصر فاعل ومؤثر في المعرفة ومسارها، وحولته إلى عنصر متلق سلبي، لتحقيق النظر الموضوعي؛ فينحصر عمل وجهد الإنسان المعرفي في عملية تراكمية، تلغي كل خاصية ذاتية له.

وينتقد المسيري العقلانية المادية الغربية أو ما يسميه بالموضوعية المتلقية، وهي النماذج الإدراكية والتفسيرية التي تبنتها الاستنارة الفكرية الغربية بعقلانيتها المادية، حين اعتبرت «المعرفة عملية تراكمية تتكون من مجرد التقاط أكبر قدر ممكن من تفاصيل الواقع كما هو تقريبا بصورة فوتوغرافية، وأن المعطيات الحسية تتراكم لتكون أفكارا بسيطة من تلقاء نفسها وبشكل آلي (...) فلا يختلف باحث عن آخر في إدراك الحقائق، فإن عملية التراكم هذه ستؤدي إلى التوصل إلى معرفة موضوعية خالية من التحيزات»،

54

فلا اعتبار لذاكرة الإنسان الباحث وآماله وأحلامه باعتبارها تشكل عائقا في طريق التلقي الموضوعي والرصد الفوتوغرافي، كل هذا يعني عند المسيري أنه لا يوجد «فرق بين الإنسان والطبيعة بين العلوم الطبيعية والإنسانية، ومن ثم استبعدت كل العناصر التي تتجاوز سطح المادة، أي استبعدت كل ما يميز الإنسان كإنسان، وانتهى الأمر باستبعاد الطبيعة البشرية ذاتها بوصفها نقطة مرجعية، وتم تأكيد أن البحث العلمي الحقيقي لا بد أن يستبعد الذات والخيال والقيم، فهو يجب أن يكون موضوعيا ومنفصلا عن القيمة»،

ناپیژندل شوی مخ