[16] فنقول الآن إن كان إحساس البصر بلون المبصر والضوء الذي فيه من الصورة التي ترد من المبصر إلى سطح البصر، والإحساس إنما يكون بالجليدية لا بسطح البصر، فليس يحس البصر بهذه الصورة إلا بعد أن يتجاوز سطح البصر ويصل إلى الجليدية. والصورة التي ترد من المبصر إلى سطح البصر هي تنفذ في شفيف طبقات البصر لأن من خاصة الشفيف أن تنفذ فيه صور الأضواء والألوان وتمتد فيه على استقامة، وقد بينا ذلك في الهواء. وإذا اعتبرت جميع الأجسام المشفة وجد الضوء ليس يمتد فيها لا على السموت المستقيمة، ونحن نبين من بعد عند كلامنا في الانعطاف كيف يعتبر ذلك وكيف تنتهي هذه الحال. وإن كان إحساس البصر باللون والضوء اللذين في المبصر من الصورة التي ترد إليه من المبصر فعند وصول هذه الصورة إلى الجليدية يقع الإحساس. وقد تبين أنه ليس يصح أن يدرك البصر المبصر على ما هو عليه إلا إذا أدرك صورة النقطة الواحدة من المبصر من نقطة واحدة فقط من سطحه. فالجليدية إذن ليس يصح أن تدرك المبصر على ما هو عليه إلا إذا أدركت لون النقطة الواحدة من المبصر وضوءها من الصورة التي تصل إليها من نقطة واحدة فقط من سطح البصر. والصورة ترد من كل نقطة من سطح المبصر إلى جميع سطح البصر وتنفذ من جميع سطح البصر إلى داخل تجويف البصر. فإن كان ما يرد من النقطة الواحدة من المبصر إلى جميع سطح البصر وينفذ في طبقات البصر وينتهي إلى الجليدية تدرك الجليدية منه ما ينفذ إليها من نقطة واحدة فقط من سطح البصر، وتحس بلون تلك النقطة من المبصر وضوئها من الصورة التي تنفذ من تلك النقطة فقط من سطح البصر وتصل إلى نقطة واحدة فقط من سطحها ولاتدرك تلك النقطة من المبصر < من> بقية الصور التي تصل إلى سطحها من بقية سطح البصر ، تم الإبصار وترتبت أجزاء المبصرات وتميزت المبصرات عند البصر.
[17] وليس يتم الإبصار إن كان من الصورة التي ترد إلى البصر إلا على هذه الصفة. وليس يصح أن يكون ذلك كذلك إلا إذا كانت واحدة من النقط التي في سطح البصر التي تنفذ فيها صورة النقطة الواحدة من سطح المبصر تتميز عن بقية النقط التي في سطح البصر، وكان الخط الذي عليه ترد الصورة إلى تلك النقطة من سطح البصر يتميز عن بقية الخطوط التي ترد عليها الصورة بخاصة من أجلها يصح أن تدرك الجليدية الصورة التي ترد على ذلك الخط ومن النقطة من سطح البصر التي على ذلك الخط ولا تدركها من غيرها.
مخ ۱۴۲