[123] وإذا ظن البصر بالجسم المصمت الأسود أنه مكان خال مظلم فهو غالط فيما يدركه من ظلمته. والغلط في الظل والظلمة هو غلط في القياس، لأن الظل والظلمة تدركان بالقياس. وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال، لأن هذه المبصرات إذا أدركها البصر في ضوء معتدل، ومن ذلك البعد بعينه، فإنه يدركها على ما هي عليه ولا يعرض له الغلط في ظل ما ليس بمستظل ولا في ظلمة ما ليس هو مظلما، إذا كانت المعاني الباقية التي في هذه المبصرات في عرض الاعتدال.
.يو. .يز.
[124] وقد يعرض الغلط في الحسن أيضا من أجل خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن المبصر الحسن الصورة إذا كانت فيه معان تشينه، ولم تكن تلك المعاني بكل الظاهرة بل كان فيها بعض اللطافة أو بعض الخفاء، وأدرك البصر ذلك المبصر في الليل وقد أشرق على ذلك المبصر ضوء مصباح ضعيف الضوء، فإن البصر يدرك المبصر الذي بهذه الصفة حسن الصورة ولا يدرك شيئا من معانيه التي تشينه. وأمثال ذلك شخص جوارحه حسنة الصورة في أشكالها وهيئاتها وفيه مع ذلك زرقة في عينه أو شقرة في شعره أو كلف في وجهه أو اثار قروح أو في بشرته أو مجموع ذلك أومجموع بعضه. وكل واحد من هذه المعاني يشين صورة الإنسان ويقبح محاسنه. فإذا أدرك البصر إنسانا بهذه الصفة في الليل وفي ضوء مصباح ليس بقوي الضوء فإنه يدرك هيئة أعضائه وأشكال جوارحه المقبولة الحسنة الجملة، ولا يدرك مع ذلك ما في جوارحه من الأثار، ولا الشقرة والزرقة اللواتي تشينه ونقبح صورته لضعف الضوء ولأن المعاني اللطيفة ليس يدركها البصر إلا في ضوء قوي. وماكثر مايستحسن البصر في ضوء السراج إذا كان ضعيفا وفي المواضع المغدرة أشخاصا ليست بمستحسنة. وكذلك جميع المبصرات التي محاسنها ظاهرة ومعانيها التي تشينها وتقبحها خفية وليست بكل البينة يدرك البصر محاسنها ولا يدرك مقابحها. وإذا أدرك البصر محاسن الصورة ولم يدرك مقابحها فإنه يدركها حسنة ولا يحكم لها بشي ء من القبح. وإذا أدرك البصر الصور المشينة حسنة فهو غالط في حسنها.
مخ ۴۷۲