[99] وإذا أدرك البصر المبصر الحسن قبيحا فهو غالط في قبحه، والغلط في القبح هو غلط في القياس لأن القبح يدرك بالقياس ولأن هذا الغلط هو لاقتناع البصر بالمقدمات الظاهرة وسكونه إلى نتائجها. وعلة هذا الغلط هو خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر الذي بهذه الصفة إذا كان مواجها للبصر فإن البصر يدرك نقوشه على ما هي عليه، ويدرك محاسنة ولا يشك في حسنه، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر في عرض الاعتدال.
.يح.
[100] وقد يعرض الغلط في التشابه أيضا من أجل خروج وضع المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن المبصرات قد تتشابه في المعاني الظاهرة كاللون والشكل والفيئة والجنس وتختلف مع ذلك في معان لطيفة، كأنواع الثياب والفروش والأواني والآلات. فإن الثياب قد تختلف في هيئة النسج وفي النقوش والتزايين التي يتلطف فيها صناع الثياب، وتكون مع ذلك متشابهة في الجنس وفي اللون. وكذلك الفروش والأواني والألات قد تتشابه في الجنس وفي اللون وفي الشكل وفي الهيئة وتختلف مع ذلك في النقوش والتحاسين التي تكون فيها. فإذا أدرك البصر مبصرين من هذه المبصرات، وكانا من جنس واحد وكانا متشابهين في اللون وفي الكل وفي الهيئة، وكانا مع ذلك مختلفين في المعاني اللطيفة التي وصفناها، وكان المبصران جميعا خارجين عن سهم الشعاع وبعيدين عنه ومتجاورين، وكان البصر محدقا إلى مبصر اخر على الصفة التي قد تكرر وصفها، فإن البصر يدرك من المبصرين اللذين بهذه الصفة المعاني الظاهرة التي يتشابهان فيها ولا يدرك المعاني اللطيفة التي يختلفان فيها ولا يحس بها، لأنه لا يدرك صورة المبصر إذا كان على الوضع الذي وصفناه إدراكا محققا. وإذا أدرك البصر تشابه المبصرين في المعاني الظاهرة، ولم يدرك شيئا من المعاني اللطيفة التي يختلفان فيها، فهو يدركهما متشابهين، فيحكم بتشابههما على الاطلاق ولا يحكم لهما بشي ء من الاختلاف،إذا لم يكن قد تقدم علم الناظر بالعاني التي يختلفان فيها.
مخ ۴۶۱