[14] فأما لم إذا كان بعد المبصر بعدا متفاوتا أدرك البصر مقدار ذلك المبصر أصغر من مقداره الحقيقي، فإن ذلك لأن عظم المبصر إنما يدركه البصرمن قياسه عظم المبصر بزاوية المخروط الذي يحيط بذلك المبصر ومقدار بعد ذلك المبصر. وقد تبين في كيفية إدراك العظم أن ذلك كذلك. وإذا كان المبصر على بعد متفاوت في العظم فإن زاوية المخروط المحيطة به تكون في غاية الصغر. والبعد المتفاوت الذي يظهر منه مقدار المبصر أصغر من مقداره الحقيقي هو البعد الذي يخفى منه مقدار له نسبة مقتدرة إلى جملة المبصر. لأن البعد الذي لا يخفى منه مقدار مقتدر النسبة إلى المبصر هو من الأبعاد المعتدلة التي يدرك منها المبصر على ما هو عليه. وإذا كان ذلك كذلك فالجرء من الزاوية الذي يوتره الجزء من المبصر المقتدر النسبة إلى جملة المبصر الذي يخفى مثله من ذلك البعد والجزء من سطح العضو الحاس الذي تحصل فيه صورة ذلك الجرء من المبصر ويوتر ذلك الجزء من الزاوية ليس يدركه الحس في تلك الحال. ومع ذلك فإن نسبة هذه الزاوية إلى جملة الزاوية التي يوترها جملة المبصر نسبة مقتدرة. وكذلك نسبة الجزء من سطح البصر الذي يوتر هذه الزاوية إلى جملة الجزء من سطح البصر الذي تحصل فيه صورة هلة المبصر نسبة مقتدرة، لأنها كنسبة الجزء الذي يخفي مثله من ذلك البعد إلى جملة ذلك المبصر التي هي نسبة مقتدرة. وكل مبصر متفاوت البعد فإن الجزء من سطح العضو الحاس والجزء من الزاوية الذي يوتره الجزء من المبصر المقتدر النسبة إلى جملة المبصر، الذي يخفي مثله من ذلك البعد، ليس يدركه الحس. فإذا تأمل البصر ذلك المبصر وحرك السهم على أقطاره فإن الحاس ليس يحس بحركة السهم إلا بعد أن يقطع من الجزء الذي حصل فيه الصورة لجملة المبصر جزءا أعظم من الجزء الذي حصل فيه صورة الجزء من المبصر الذي يخفي مله من ذلك البعد. فإذا قطع السهم من الجزء الذي تحصل فيه صورة المبصر الجزء الذي يخفي مثله من ذلك البعد، فليس يحس الحاس بحركة السهم، وليس يحس الحاس من حركة السهم على الجزء من المبصر الذي يخفي مثله من ذلك البعد بصورة ولا زاوية.
[15] وكذلك إذا حرك السهم على جميع المبصر فإنه كلما قطع منه جزءا يخفى مثله من ذلك البعد فإن الحاس لا يحس بحركته، فإذا قطع منه جزءا أعظم من ذلك الجزء أحس بحركته، فإذا انتهى السهم إلى أجزاء المبصر وقطع جميع الجزء من سطح العضو الحاس الذي حصل فيه صورة المبصر فإنه يدرك مقدار ذلك الجزء أصغر من مقداره الحقيقي من أجل ما تقدم تفصيله.
مخ ۴۲۰