[3] فأما المعاني التي يدركها البصر بالقياس والتمييز في حال الإحساس فهي جميع الصور المركبة التي لم تتكرر على البصر ولم يكثر إدراك البصر لها وجميع المعاني الجزئية التي في الأشخاص الجزئية التي قد تبين أنها تدرك بالتمييز والقياس.
[4] فجميع ما يدركه البصر من المبصرات ينقسم إلى هذه الأقسام الثلثة، فجميع أغلاط البصر ينقسم إلى هذه الثلثة الأقسام، فأنواع أغلاط البصر إذن ثلثة غلط في مجرد الإحساس وغلط في المعرفة وغلط في التمييز والقياس.
[5] والمثال في الغلط الذي يعرض في مجرد الإحساس فكإدراك البصر لمبصرذي ألوان مختلفة وتكون ألوانا قوية كالكحلي والخمري والفرفيري وما جرى مجراها إذا كان في موضع مغدر شديد الغدرة. فإن الجسسم المتلون بهذه الألون إذا كان في موضع مغدر شديد الغدرة، وليس فيه إلا ضوء يسير، فإن البصر يدرك المبصر الذي بهذه الصفة ذا لون واحد مظلم، ولا يتحقق حقيقة ألوانه. فإن لم يكن تقدم علم الناظر بذلك المبصر فإنه يظنه ذا لون واحد أسود أو مظلم وإن كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال ما سوى الضوء. فيكون البصر قد غلط في إدراكه للون ذلك المبصر. فإن أدركه ذا لون واحد وهو ذو ألوان كثيرة، واللون بما هو لون إنما يدرك بمجرد الحس، فيكون هذا الغلط غلطا بمجرد الإحساس، وتكون علة هذا الغلط هوخروج الضوء الذي في ذلك المبصر عن عرض الاعتدال بالإفراط في النقصان. لأن المبصر الذي بهذه الصفة إذا خرج من الموضع المغدر الذي هو فيه إلى ضوء معتدل، وكانت المعاني الباقية التي فيه التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال، فإن البصر يدرك ألوان ذلك المبصر مختلفة ويدرك كل واحد منها على ما هو عليه.
مخ ۳۸۷