[19] فأما الإدراك الذي يكون بالتأمل مع تقدم المعرفة فهو إدراك جميع أنواع المبصرات التي قد أدركها البصر من قبل وأدرك مبصرات من نوعها وحصلت صور أنواعها وأشخاصها في النفس والنفس ذاكرة لها ولصورها إذا استأنفت تأملها مع معرفتها. فإذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات التي قد أدركها من قبل ذلك الوقت وأدرك شيئا من أنواعها فإنه في حال ملاحظة ذلك المبصر قد أدرك جملة صورته التي يدركها بالبديهة، ثم باليسير من التأمل قد أدرك جملة هيئته التي هي الصورة الكلية التي تخص نوعه. فإذا كان قد أدرك من قبل ذلك الوقت مبصرات من نوع ذلك المبصر وقد حصلت صورة نوع ذلك المبصر في نفسه وكان ذاكرا للمصورة الكلية التي لنوع ذلك المبصر، فإنه يعرف الصورة الكلية التي أدركها من ذلك المبصر في حال إدراكها، وفي حال معرفته بالصورة الكلية التي يدركها من ذلك المبصر قد عرف ذلك المبصر بالنوع. ثم إذا تأمل المعاني الباقية التي في ذلك المبصر تحقق صورته الجزئية. فإن لم يكن شاهد ذلك المبصر بعينه قبل ذلك الوقت أو كان شاهده ولم يكن ذاكرا لمشاهدته ولصورته التي أدركها عند المشاهدة الأولة، لم يعرف الصورة الجزئية، وإذا لم يعرف الصورة الجزئية لم يعرف المبصر نفسه، فتكون معرفته لذلك المبصر بالنوع فقط، ويقتني من تأمله وتحقق صورته صورته الجزئية التي تخص شخصه. وإن كان شاهد ذلك المبصر قبل ذلك الوقت مع مشاهدته لأشخاص من نوعه وكان ذاكرا لمشاهدته وللصورة التي أدركها من قبل من ذلك المبصر، فإنه إذا أدرك صورته الجزئية فإنه يعرف الصورة الجزئية في حال إدراكها، وفي حال معرفة الصورة الجزئية قد عرف المبصر، فيتحقق بإدراك صورته الجزئية صورة المبصر، مع ذلك يعرف المبصر نفسه، وتكون معرفته لذلك المبصر بالنوع وبالشخص جميعا. وإن كان قد شاهد ذلك المبصر من قبل ولم يشاهد من نوع ذلك المبصر غير ذلك الشخص فقط، ولم تتميز له الصورة الكلية التي لنوع ذلك المبصر، فإنه إذا أدر ذلك المبصر وأدرك المعاني الكلية التي في ذلك المبصر التي تعم نوع ذلك المبصر فإنه لا يعرف ذلك المبصر ولا يدرك مائيته من إدراك صورته الكلية. فإذا أدرك المعاني الباقية التي في ذلك المبصر وأدرك صورته الجزئية وكان ذاكرا للصورة الجزئية التي أدركها من ذلك المبصر، فإنه يعرف الصورة الجزئية عند إدراكها، وإذا عرف الصورة الجزئية عرف المبصر بعينه وتكون معرفته لذلك المبصر بالشخص نفسه. وليس يدرك شيء من المبصرات بالتأمل إلا على إحدى هذه الصفات. فإدراك جميع المبصرات إذن بالتأمل يكون على وجهين: إدراكا بمجرد التأمل وإدراكا بالتأمل مع تقدم المعرفة. والمعرفة قد تكون بالنوع فقط وقد تكون بالنوع وبالشخص معا.
مخ ۳۲۸