260

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[8] والقوة المميزة تميز جميع ما يرد عليها من الصور. فهي تميز ألوان الأجزاء واختلاف ألوانها إذا كانت مختلفة الألوان، وترتيب الأجزاء بعضها عند بعض وتفصيلها وهيئة كل واحد منها، وجميع المعاني التي تظهر بالتأمل من المبصر وهيئة جملة المبصر المتألفة من تلك الأجزاء ومن تلك المعاني. فعل هذه الصفة يكون تحقق كل جزء من أجزاء المبصر على ما هي عليه وتحقق جميع المعاني التي في المبصر. وليس تتحقق صورة كل جزء من أجزاء المبصر ويظهر جميع المعاني التي في المبصر إلا بعد تحرك البصر على جميع الأجزاء أو مرور السهم أو ما قرب من السهم بكل واحد من تلك الأجزاء. ومع ذلك فإن البصر مطبوع على حركة التأمل وإمرار سهم الشعاع على جميع أجزاء المبصر، فإذا همت القوة المميزة بتأمل المبصر تحرك سهم الشعاع على جميع أجزاء المبصر. وإذا كانت المعاني اللطيفة التي في المبصر ليس تظهر إلا بحركة البصر ومرور السهم أو ما قرب منه من خطوط الشعاع على كل جزء من أجزاء المبصر، فليس تحصل صورة المبصر محققة عند الحاس إذا كان حجمه مقتدرا إلا بتحرك البصر ومقابلة كل جزء من أجزاء المبصر بوسط البصر.

[9] وأيضا فإن المبصر إذا كان في غاية الصغر ولم يكن مقابلا لوسط البصر فليس يتم تأمله إلا بعد أن يتحرك البصر حتى يمر السهم بذلك المبصر وتحصل صورة ذلك المبصر في وسط البصر وتظهر صورته ظهورا بينا. وأيضا فإنه ليس يدرك جميع المعاني التي تكون في المبصر إلا بتمييز جميع المعاني التي في جميع أجزاء المبصر. وإذا كان ذلك كذلك فالتأمل الذي به تدرك حقائق صور المبصرات تكون بالبصر نفسه وتكون بالبصر والتمييز معا. فإدراك البصر لحقيقة صورة المبصر ليس يكون إلا بالتأمل. والتأمل الذي به تتحقق صورة المبصر ليس يتم إلا بتحرك البصر. وإذا كان حجم المبصر مقتدرا فليس يتم تأمله إلا بتحرك سهم الشعاع أو ما قرب منه من خطوط الشعاع في جميع أقطار المبصر. وإلى هذا المعنى ذهب من رأى أن الإبصار ليس يكون إلا بحركة وأنه ليس شيء من المبصرات يبصر جميعا معا، فإنه إنما أراد الإبصار المحقق الذي ليس يكون إلا بالتأمل وبحركة البصر وبحركة سهم الشعاع في جميع أقطار المبصر.

مخ ۳۲۱