255

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[231] قد تبين من جميع ماذكرناه أن المحاسن والصور المستحسنة التي تدرك بحاسة البصر إنما تكون من المعاني الجزئية التي تدرك بحاسة البصر ومن اقتران بعضها ببعض من مناسب بعضها لبعض. والبصر يدرك المعاني الجزئية التي قدمنا ذكرها مفردة ومقترنة، ويدرك الصور المتألفة منها. فإذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات، وكان في ذلك المبصر معنى من المعاني الجزئية التي قدمنا ذكرها التي تفعل الحسن منفردا، وتأمل البصر ذلك المعنى منفردا، حصلت صورة ذلك المعنى بعد التأمل عند الحاس وأدركت القوة المميزة حسن المبصرالذي فيه ذلك المعنى. لأن صورة كل مبصر من المبصرات مركبة من عدة معان من المعاني التي قدمنا تفصيلها. فذا أدرك البصر المبصر ولم يميز المعاني التي فيه، وكان أحد المعاني التي في ذلك المبصر على الصفة التي تفعل الحسن في النفس، فإن البصر عند تأمل ذلك المعنى يدرك ذلك المعنى منفردا. فإذا كان ذلك المعنى منفردا حصل ذلك الإدراك عند الحاس. وإذا حصل إدراك صورة المعنى الذي يفعل الحسن عند الحاس أدركت القوة المميزة الحسن الذي فيه، فأدركت بذلك الدراك حسن ذلك المبصر. وإذا أدرك البصر مبصرا من المبصرات، وكان في ذلك المبصر حسن مركب من معان مقترن بعضها ببعض ومن معان مناسب بعضها لبعض، وتأمل البصر ذلك المبصر وميز المعاني التي فيه وأدرك المعاني التي فيه، وأدرك المعاني التي تفعل الحسن باقتران بعضها ببعض أو مناسبة بعضها لبعض، وحصل ذلك الإدراك عند الحاس، وقاست القوة المميزة تلك المعاني بعضها ببعض، أدركت حسن ذلك المبصر المركب من اقتران المعاني المتألفة التي فيه. فالبصر يدرك الحسن الذي في المبصرات من قياس تلك المعاني بعضها ببعض على الصفة التي فصلناها.

<إدراك القبح>

[232] فأما القبح فهو الصورة التي تخلو من كل واحد من المعاني المستحسنة. وذلك أنه قد تقدم أن المعاني الجزئية قد تفعل الحسن ولكن ليس تفعله في كل المواضع ولا في كل الصور، بل في بعض الصور دون بعض. وكذلك التناسب ليس يكون في جميع الصور بل في بعض الصور دون بعض. فالصور التي ليس يفعل فيها شيء من المعاني الجزئية شيئا من الحسن على انفراد المعاني ولا باقترانها ولا يكون فيها شيء من التناسب في أجزائها فليس فيها شيء من الحسن. وإذا لم يكن فيها شيء من الحسن كانت مستقبحة. لأن قبح الصورة هو عدم الحسن فيها. وقد يجتمع في الصورة الواحدة معان مستحسنة ومعان مستقبحة، والبصر يدرك حسن الحسن منها وقبح القبيح إذا ميز المعاني التي فيها وتأملها. والقبح يدركه البصر من الصور التي قد عدمت جميع المحاسن من عدمه الحسن عند إدراكها. وكذلك كل معنى مستقبح.

<إدراك التشابه>

مخ ۳۱۶