247

کتاب المناظر

كتاب المناظر

ژانرونه

[200] فأما الحسن المدرك بحاسة البصر فإن البصر يدركه من إدراكه للمعاني الجزئية التي قد تبين كيفية إدراك البصر لها. وذلك أن كل واحد من المعاني الجزئية التي تقدم بيانها يفعل نوعا من الحسن بانفراده، وتفعل هذه المعاني أنواعا من الحسن باقتران بعضها ببعض. والبصر إنما يدرك الحسن من صور المبصرات التي تدرك بحاسة البصر، وصور المبصرات مركبة من المعاني الجزئية التي تبين تفصيلها، والبصر يدرك الصور من إدراكه لهذه المعاني، فهو يدرك الحسن من إدراكه لهذه المعاني.

[201]وأنواع الحسن التي يدركها البصر من صور المبصرات كثيرة: فمنها ما تكون علته واحدة من المعاني الجزئية التي في الصورة، ومنها ما تكون علته عدة من المعاني الجزئية التي في الصورة، ومنها ما تكون علته اقتران المعاني بعضها ببعض لا المعاني أنفسها، ومنها ما تكون علته مركبة من المعاني وتألفها. والبصر يدرك كل واحد من المعاني التي في كل واحدة من الصور منفردا، ويدركها مركبة، ويدرك اقترانها وتألفها. فالبصر يدرك الحسن على وجوه مختلفة، وجميع الوجوه التي منها يدرك البصر الحسن ترجع إلى إدراك المعاني الجزئية.

[202] فأما أن هذه المعاني الجزئية هي التي تفعل الحسن منفردة وأعني بقولي تفعل الحسن أي تؤثر في النفس استحسان الصورة المستحسنة فإنه يظهر باليسير من التأمل. وذلك أن الضوء يفعل الحسن. ولذلك تستحسن الشمس والقمر والكواكب. وليس في الشمس والقمر والكواكب علة تستحسن من أجلها وتروق صورتها بسببها غير الضوء وإشراقه. فالضوء على انفراده يفعل الحسن.

[203] واللون أيضا يفعل الحسن. وذلك أن كل واحد من الألوان المشرقة كالأرجوانية والفرفيرية والزرعية والوردية والصعوية وأشباهها تروق الناظر ويلتذ البصر بالنظر إليها. وكذلك تستحسن المصنعات من الثياب والفروش والآلات وتستحسن الأزهار والأنوار والرياض. فاللون على انفراده يفعل الحسن.

مخ ۳۰۸