[176] والبصر يدرك التماس أيضا، ويفرق بين التماس والاتصال، من إدراكه لاجتماع نهايتي الجسمين مع العلم بأن كل واحد من الجسمين منفصل عن الآخر. وليس يحكم البصر بالتماس إلا بعد العلم بأن كل واحد من الجسمين المتماسين غير الآخر منفصل عن الآخر، فإن الفصل الذي بين المتماسين قد يوجد مثله في الأجسام المتصلة. فإن لم يحس الحاس أن كل واحد من الجسمين المتماسين غير الآخر ومنفصل عنه لم يحس بالتماس وحكم بالاتصال.
<إدراك العدد>
[177] أما العدد فإن البصر يدركه بالاستدلال من المعدودات. وذلك أن البصر قد يدرك عدة من المبصرات المتفرقة معا في وقت واحد. وإذا أدرك البصر المبصرات المتفرقة وأدرك تفرقها فقد أدرك أن كل واحد منها غير الآخر. وإذا أدرك أن كل واحد منها غيرالآخر فقد أدرك الكثرة. وإذا أدرك الكثرة فالقوة المميزة تدرك من الكثرة العدد. فالعدد يدرك بحاسة البصرمن إدراك البصرلعدة من المبصرات المتفرقة إذا أدركها البصر معا وأدرك تفرقها وأدرك أن كل واحد منها غير الآخر. فعلى هذه الصفة يدرك العدد بحاسة البصر.
< إدراك الحركة>
[178] فأما الحركة فإن البصر يدركها بالاستدلال من قياس المتحرك إلى غيره من المبصرات. وذلك أن البصر إذا أدرك المبصر المتحرك وأدرك معه غيره من المبصرات فإنه يدرك وضعه من تلك المبصرات ومسامتته لتلك المبصرات. وإذا كان المبصر متحركا وكانت تلك المبصرات غير متحركة بحركة ذلك المبصر المتحرك فإن وضع ذلك المبصر المتحرك يختلف عند تلك المبصرات في حال تحركه. وإذا كان البصر يدركه ويدرك تلك المبصرات معه ويدرك وضعه من تلك المبصرات أدرك حركته. فالحركة يدركها البصر من إدراكه لاختلاف وضع المبصر المتحرك بالقياس إلى غيره.
مخ ۲۹۸