[93] وأيضا فإن المبصرات المألوفة التي على الأبعاد المألوفة التي يدركها البصر دائما وعلى الاستمرار ويدرك أبعادها، فإنه يدرك الأجسام المسامتة لأبعادها ويتيقن مقادير أبعادها لكثرة تكررها على البصر، ولكثرة تكرر أبعادها على البصر قد صار البصر يدرك مقادير أبعادها بالمعرفة. وذلك أن البصر إذا أدرك مبصرا من المبصرات المألوفة وكان على بعد من الأبعاد المألوفة عرفه وعرف بعده وحدس على كمي بعده. وإذا حدس على كمية بعد ما هذه صفته من المبصرات فليس يكون بين حدسه وبين حقيقة كمية ذلك البعد تفاوت مسرف. فالمبصرات المألوفة التي على الأبعاد المألوفة يدرك البصر كميات أبعادها بالمعرفة من حدسه على كميات أبعادها. وإذا حدس على كميات أبعادها فليس يكون بين الحدس عليها وبين حقيقتها كثير تفاوت. و كثر أبعاد المبصرات يدرك على هذه الصفة.
<إدراك الوضع>
[94] فأما الوضع الذي يدركه البصر من المبصرات فهو ينقسم إلى ثلثة أنواع. أحدها وضع جملة المبصر عند البصر، أو وضع الجزء من أجزاء المبصر عند البصر، وهذا النوع هو المقابلة، والنوع الثاني هو وضع سطح المبصر المقابل للبصر عند البصر، وأوضاع سطوح المبصر المقابلة للبصر عند البصر إذا كان المبصر كثير السطوح وكان الذي يظهر منه عدة سطوح، وأوضاع نهايات سطوح المبصرات عند البصر، وأوضاع الخطوط والمسافات التي بين كل نقطتين أو كل مبصرين يدركهما البصر معا وتتخيل المسافة التي بينهما عند البصر. والنوع الثالث هو أوضاع أجزاء المبصر بعضها عند بعض، وأوضاع أجزاء سطح المبصر بعضها عند بعض، وأوضاع نهايات سطح المبصر بعضها عند بعض، وأوضاع أجزاء نهايات سطح المبصر بعضها عند بعض. وهذا النوع هو الترتيب، وكذلك أوضاع المبصرات المتفرقة بعضها عند بعض هي من جملة هذا النوع. فجميع الأوضاع التي يدركها البصر من المبصرات تنقسم إلى هذه الأنواع الثلثة.
مخ ۲۵۴