[17] وأيضا فإنه يلزم أن يكون الجسم الحاس الذي في تجويف العصبة فيه بعض الشفيف لتظهر فيه صور الأضواء والألوان. ويلزم أيضا أن يكون شفيفه شبيها بشفيف الرطوبة الزجاجية، لئلا تنعطف الصور عند وصولها إلى السطح الأخير من الزجاجية الذي يلي تجويف العصبة. لأنه إذا كان شفيف الجسمين متشابها لم تنعطف الصور، وليس يصح أن تنعطف الصور عند هذا السطح لأن هذا السطح سطح كري وهو من كرة صغيرة، فلو انعطفت الصور من هذا السطح لم تبعد عنه إلا يسيرا حتي تتشوه، فليس يصح أن تنعطف الصور عند هذا السطح.
[18] وإذا كان شفيف الجسم الحاس الذي في تجويف العصبة مخالفا لشفيف الزجاجية لم يكن بد من أن يحدث هذا الاختلاف تشعيثا للصورة. وإن كانت الصورة تمتد بامتداد الحس فليس شفيف الجسم الحاس الذي في تجويف العصبة مخالفا لشفيف جسم الزجاجية. وليس شفيف هذا الجسم لتمتد الصور فيه على السموت التي يوجبها الشفيف، وإنما شفيفه ليقبل صور الأضواء والألون وتظهر الصور فيه. لأن الجسم ليس يقبل الضوء واللون وتنفذ فيه صور الأضواء والألوان إلا إذا كان مشفا أو كان فيه بعض الشفيف. وليس يظهر الضوء واللون في الجسم المشف إلا إذا كان فيه مع الشفيف بعض الغلظ. كذلك جميع الأجسام التي تقبل الأضواء والألوان وتظهر الأضواء والألوان فيها، ولذلك لم تكن الجليدية في غاية الشفيف ولا في غاية الكثافة. فالجسم الحاس الذي في تجويف العصبة مشف وفيه مع ذلك بعض الغلظ، والصورة تنفذ في هذا الجسم بما فيه من الشفيف وتظهر الصور فيه للقوة الحساسة بما فيه من الغلظ. والحاس الأخير إنما يدرك صور الأضواء والألوان من الصور التي تحصل في هذا الجسم عند وصولها إلى العصبة المشتركة، وهو يدرك الضوء من الإضاءة التي تحصل في هذا الجسم. فعلى هذه الصفة يكون وصول الصور إلى الحاس الأخير ويكون إدراك الحاس الأخير لها.
مخ ۲۰۸